كتاب المستصفى للغزالي - الرسالة (اسم الجزء: 1)

الأصل الأول من الأصول الموهومة شرع من قبلنا من الأنبياء فيما لم يصرح شرعنا بنسخه
ونقدم على هذا الأصل:
مسألة وهي أنه قبل مبعثه هل كان متعبدا بشرع أحد من الأنبياء؟
فمنهم من قال لم يكن متعبدا ومنهم من قال كان متعبدا ثم منهم من نسبه إلى نوح عليه السلام وقوم نسبوه إلى إبراهيم عليه السلام وقوم نسبوه إلى موسى وقوم إلى عيسى عليهما السلام .
والمختار أن جميع هذه الأقسام جائز عقلا لكن الواقع منه غير معلوم بطريق قاطع ورجم الظن فيما لا يتعلق به الآن تعبد عملي لا معنى له
فإن قيل: الدليل القاطع على أنه لم يكن على ملة أنه لو كان لافتخر به أولئك القوم ونسبوه إلى أنفسهم ولكان يشتهر تلبسه بشعارهم وتتوفر الدواعي على نقله
قلنا: هذا يعارضه أنه لو كان منسلخا عن التكليف والتعبد بالشرائع لظهر مخالفته أصناف الخلق وتوفرت الدواعي على نقله ويشبه أن يكون اختفاء حاله قبل البعث معجزة خارقة للعادة وذلك من عجائب أموروه
وللمخالف شبهتان :
الأولي : أن موسى وعيسى دعوا إلى دينهما كافة المكلفين من عباد الله تعالى فكان هو داخلا تحت العموم
وهذا باطل من وجهين :أحدهما أنه لم ينقل إلينا على التواتر عنهما

الصفحة 391