أما الجواز العقلي: فهو حاصل إذ لله تعالى أن يتعبد عباده بما شاء من شريعة سابقة أو مستأنفة أو بعضها سابقة وبعضها مستأنفة ولا يستحيل منه شيء لذاته ولا لمفسدة فيه
وزعم بعض القدرية أنه لا يجوز بعثة نبي إلا بشرع مستأنف فإنه إن لم يجدد أمرا فلا فائدة في بعثته ولا يرسل الله تعالى رسولا بغير فائدة ويلزمهم على هذا تجويز بعثته بمثل تلك الشريعة إذا كانت قد اندرست وإرساله بمثلها إذا كانت قد اشتملت على زوائد وأن يكون الأول مبعوثا إلى قوم والثاني مبعوثا إليهم وإلى غيرهم ولعلهم يخالفون إذا كانت الأولى غضة طرية ولم تشتمل الثانية على مزيد
فنقول: يدل على جوازه ما يدل على جواز نصب دليلين وبعثة رسولين معا كما قال تعالى {إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ} ]يّس: من الآية14[وكما أرسل موسى وهارون وداود وسليمان بل كخلق العينين مع الاكتفاء في الإبصار بإحداهما .
ثم كلامهم بناء على طلب الفائدة في أفعال الله تعالى وهو تحكم
أما الوقوع السمعي: فلا خلاف في أن شرعنا ليس بناسخ جميع الشرائع بالكية إذ لم ينسخ وجوب الإيمان وتحريم الزنا والسرقة والقتل والكفر ولكن حرم عليه صلى الله عليه وسلم هذه المحظورات بخطاب مستأنف أو بالخطاب الذي نزل إلى غيره وتعبد باستدامته ولم ينزل عليه الخطاب إلا بما خالف شرعهم فإذا نزلت واقعة لزمه اتباع دينهم إلا إذا أنزل عليه وحي مخالف لما سبق فإلى هذا يرجع الخلاف