لزم استحسان العوام فإن فرق بأنهم ليسوا أهلا للنظر قلنا إذا كان لا ينظر في الأدلة فأي فائدة لأهلية النظر؟
الثالث: أن الصحابة أجمعوا على استحسان منع الحكم بغير دليل ولا حجة لأنهم مع كثرة وقائعهم تمسكوا بالظواهر والأشباه وما قال واحد حكمت بكذا وكذا لأني استحسنته ولو قال ذلك لشددوا الإنكار عليه وقالوا من أنت حتى يكون استحسانك شرعا وتكون شارعا لنا ؟ وما قال معاذ حيث بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن أني أستحسن بل ذكر الكتاب والسنة والاجتهاد فقط
الشبهة الثالثة: إن الأمة استحسنت دخول الحمام من غير تقدير أجرة وعوض الماء ولا تقدير مدة السكون واللبث فيه وكذلك شرب الماء من يد السقاء بغير تقدير العوض ولا مبلغ الماء المشروب لأن التقدير في مثل هذا قبيح في العادات فاستحسنوا ترك المضايقة فيه ولا يحتمل ذلك في إجارة ولا بيع
والجواب من وجهين:
الأول : أنهم من أين عرفوا أن الأمة فعلت ذلك من غير حجة ولا دليل ولعل الدليل جريان ذلك في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم مع معرفته به وتقريره عليه لأجل المشقة في تقدير الماء المشروب والمصبوب في الحمام وتقدير مدة المقام والمشقة سبب الرخصة
الثاني : أن نقول شرب الماء بتسليم السقاء مباح وإذا أتلف ماءه فعليه ثمن المثل إذ قرينة حاله تدل على طلب العوض فيما بذله في الغالب وما يبذل له