كتاب المستصفى للغزالي - الرسالة (اسم الجزء: 1)

مسألة حد الشارب ثمانين هل فعله الصحابة سياسة ؟
فإن قيل: فبأي طريق بلغ الصحابة حد الشرب إلى ثمانين ؟فإن كان حد الشرب مقدرا فكيف زادوا بالمصلحة ؟وإن لم يكون مقدرا وكان تعزيرا فلم افتقروا إلى الشبه بحد القذف؟
قلنا :الصحيح أنه لم يكن مقدرا لكن ضرب الشارب في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنعال وأطراف الثياب فقدر ذلك على سبيل التعديل والتقويم بأربعين فرأوا المصلحة في الزيادة فزادوا والتعزيرات مفوضة إلى رأي الأئمة فكأنه ثبت الإجماع أنهم أمروا بمراعاة المصلحة وقيل لهم اعملوا بما رأيتموه أصوب بعد أن صدرت الجناية الموجبة للعقوبة ومع هذا فلم يريدوا الزيادة على تعزير رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بتقريب من منصوصات الشرع فرأوا الشرب مظنة القذف لأن من سكر هذى ومن هذى افترى ورأوا الشرع يقيم مظنة الشيء مقام نفس الشيء كما أقام النوم مقام الحدث وأقام الوطء مقام شغل الرحم والبلوغ مقام نفس العقل لأن هذه الأسباب مظان هذه المعاني فليس ما ذكروه مخالفة للنص بالمصلحة أصلا
مسألة فسخ النكاح لرفع الضرر عن امرأة المفقود ونحو
فإن قيل: فما قولكم في المصالح الجزئية المتعلقة بالأشخاص مثل المفقود زوجها إذا اندرس خبر موته وحياته وقد انتظرت سنين وتضررت بالعزوبة أيفسخ نكاحها للمصلحة أم لا ؟

الصفحة 427