كتاب المستصفى للغزالي - الرسالة (اسم الجزء: 1)

وكذلك إذا عقد وليان أو وكيلان نكاحين أحدهما سابق واستبهم الأمر ووقع اليأس عن البيان بقيت المرأة محبوسة طول العمر عن الأزواج ومحرمة على زوجها المالك لها في علم الله تعالى
وكذلك المرأة إذا تباعد حيضها عشر سنين وتعوقت عدتها وبقيت ممنوعة من النكاح هل يجوز لها الاعتداد بالأشهر أو تكتفي بتربص أربع سنين ؟وكل ذلك مصلحة ودفع ضرر ونحن نعلم أن دفع الضرر مقصود شرعا
قلنا: المسألتان الأوليان مختلف فيهما فهما في محل الاجتهاد فقد قال عمر تنكح زوجة المفقود بعد أربع سنين من انقطاع الخبر وبه قال الشافعي في القديم وقال في الجديد تصبر إلى قيام البينة على موته أو انقضاء مدة يعلم أنه لا يعيش إليها لأنا إن حكمنا بموته بغير بينة فهو بعيد إذ لا تدارس الأخبار أسباب سوى الموت لا سيما في حق الخامل الذكر النازل القدر وإن فسخنا فالفسخ إنما يثبت بنص أو قياس على منصوص والمنصوص أعذار وعيوب من جهة الزوج من أعسار وجب وعنة فإذا كانت النفقة دائمة فغايته الامتناع من الوطء وذلك في الحضرة لا يؤثر فكذلك في الغيبة
فإن قيل: سبب الفسخ دفع الضرر عنها ورعاية جانبها فيعارضه أن رعاية جانبه أيضا مهم ودفع الضرر عنه واجب وفي تسليم زوجته إلى غيره في غيبته ولعله محبوس أو مريض معذور إضرار به فقد تقابل الضرران وما من ساعة إلا وقدوم الزوج فيها ممكن فليس تصفو هذه المصلحة عن

الصفحة 428