كتاب المستصفى للغزالي - الرسالة (اسم الجزء: 1)

للعقل وعلى هذا اصطلاح فالموجود لا يدخل في الماهية إذ بطلانه لا يوجب زوال الماهية عن الذهن
بيانه إذا قال القائل: ما حد المثلث فقلنا شكل يحيط به ثلاثة أضلاع أو قال ما حد المسبع فقلنا شكل يحيط به سبعة أضلاع فهم السائل حد المسبع وإن لم يعلم أن المسبع موجود في العالم أصلا فبطلان العلم بوجوده لا يبطل عن ذهنه فهم حقيقة المسبع ولو بطل عن ذهنه الشكل لبطل المسبع ولم يبق مفهوما عنده
وأما ما هو أخص من الإنسان من كونه طويلا أو قصيرا أو شيخا أو صبيا أو كاتبا أو أبيض أو محترفا فشيء منه لا يدخل في الماهية إذ لا يتغير جواب الماهية بتغيره فإذا قيل لنا ما هذا ؟فقلنا إنسان وكان صغيرا فكبر أو قصيرا فطال فسئلنا مرة أخرى ما هو؟ لست أقول من هو لكان الجواب ذلك بعينه ولو أشير إلى ما ينفصل من الأحليل عند الوقاع وقيل ما هو؟ لقلنا نطفة فإذا صار جنينا ثم مولودا فقيل ما هو؟ تغير الجواب ولم يحسن أن يقال نطفة بل يقال إنسان وكذلك الماء إذا سخن فقيل ما هو ؟قلنا ماء كما في حالة البرودة ولو استحال بالنار بخارا ثم هواء ثم قيل ما هو؟ تغير الجواب
فإذا انقسمت الصفات إلى ما يتبدل الجواب عن الماهية بتبدلها وإلى ما لا يتبدل فلنذكر في الحد الحقيقي ما يدخل في الماهية
وأما الحد اللفظي والرسمي فمؤنتهما خفيفة إذ طالبهما قانع بتبديل لفظ العقار بالخمر وتبديل لفظ العلم بالمعرفة أو بما هو وصف عرضي جامع مانع وإنما العويص المتعذر هو الحد الحقيقي وهو الكاشف عن ماهية الشيء لا غير
القانون الثالث :
أصل السؤال وتعريفه الصحيح: إن ما وقع السؤال عن ماهيته وأردت أن تحده حدا حقيقيا فعليك فيه

الصفحة 52