كتاب المستصفى للغزالي - الرسالة (اسم الجزء: 1)

وشغفه بها
القانون الرابع في طريق اقتناص الحد:
اعلم أن الحد لا يحصل بالبرهان لأنا إذا قلنا في حد الخمر أنه شراب مسكر فقيل لنا لم لكان محالا أن يقام عليه برهان فإن لم يكن معنا خصم وكنا نطلبه فكيف نطلبه بالبرهان وقولنا الخمر شراب مسكر دعوى هي قضية محكومها الخمر وحكمها أنه شراب مسكر وهذه القضية إن كانت معلومة بلا وسط فلا حاجة إلى البرهان وإن لم تعلم وافتقرت إلى وسط وهو معنى البرهان أعني طلب الوسط كان صحة ذلك الوسط للمحكوم عليه وصحة الحكم للوسط كل واحد قضية واحدة فبماذا تعرف صحتها فإن احتيج إلى وسط تداعى إلى غير نهاية وإن وقف في موضع بغير وسط فبماذا تعرف في ذلك الموضع صحته فليتخذ ذلك طريقا في أول الأمر
مثاله لو قلنا في حد العلم إنه المعرفة فقيل لم فقلنا لأن كل علم فهو اعتقاد مثلا وكل اعتقاد فهو معرفة فكل علم إذن معرفة لأن هذا طريق البرهان على ما سيأتي فيقال ولم قلتم كل علم فهو اعتقاد ولم قلتم كل اعتقاد فهو معرفة فيصير السؤال سؤالين وهكذا يتداعى إلى غير نهاية
بل الطريق أن النزاع إن كان مع خصم أن يقال عرفنا صحته باطراده وانعكاسه فهو الذي يسلمه الخصم بالضرورة وأما كونه معربا عن تمام الحقيقة ربما ينازع فيه ولا يقر به فإن منع اطراده وانعكاسه على أصل نفسه طالبناه بأن يذكر حد نفسه وقابلنا أحد الحدين بالآخر وعرفنا ما فيه التفاوت من زيادة أو نقصان وعرفنا الوصف الذي فيه يتفاوتان وجردنا النظر إلى ذلك الوصف وأبطلناه بطريقة أو أثبتناه بطريقة
مثاله إذا قلنا المغصوب مضمون وولد المغصوب مغصوب فكان

الصفحة 55