كتاب المستصفى للغزالي - الرسالة (اسم الجزء: 1)

وإن نظرت إلى العبارة عن العلم وجدتها أيضا حاصرة فإنها مطابقة للعلم المطابق للحقيقة والمطابق للمطابق مطابق
وإن نظرت إلى الكتابة وجدتها مطابقة للفظ المطابق للعلم المطابق للحقيقة فهي أيضا مطابقة
فقد وجدت المنع في الكل إلا أن العادة لم تجر بإطلاق الحد على الكتابة التي هي الرابعة ولا على العلم الذي هو الثاني بل هو مشترك بين الحقيقة وبين اللفظ وكل لفظ مشترك بين حقيقتين فلا بد أن يكون له حدان مختلفان كلفظ العين
فإذا عند الإطلاق على نفس الشيء يكون حد الحد أنه حقيقة الشيء وذاته وعند الإطلاق الثاني يكون حد الحد أنه اللفظ الجامع المانع إلا أن الذين أطلقوه على اللفظ أيضا اصطلاحهم مختلف كما ذكرناه في الحد اللفظي والرسمي والحقيقي فحد الحد عند من يقنع بتكرير اللفظ كقولك الموجود هو الشيء والعلم هو المعرفة والحركة هي النقلة هو تبديل اللفظ بما هو أوضح عند السائل على شرط أن يجمع ويمنع
وأما حد الحد عند من يقنع بالرسميات فإنه اللفظ الشارح للشيء بتعديد صفاته الذاتية أو اللازمة على وجه يميزه عن غيره تمييزا يطرد وينعكس
وأما حده عند من لا يطلق اسم الحد إلا على الحقيقي فهو إنه القول الدال على تمام ماهية الشيء ولا يحتاج في هذا إلى ذكر الطرد والعكس لأن ذلك تبع للماهية بالضرورة ولا يحتاج إلى التعرض للوازم والعوارض فإنها لا تدل على الماهية بل لا يدل إلا على الماهية إلا الذاتيات
فقد عرفت أن اسم الحد مشترك في الاصطلاحات بين الحقيقة وشرح اللفظ والجمع بالعوارض والدلالة على الماهية فهذه أربعة أمور مختلفة كما دل لفظ العين على أمور مختلفة

الصفحة 63