واليهود والنصارى في معتقداتهم وأديانهم بل اعتقاد أكثر المتكلمين في نصرة مذاهبهم بطريق الأدلة فإنهم قبلوا المذهب والدليل جميعا بحسن الظن في الصبا فوقع عليه نشؤهم فإن المستقل بالنظر الذي يستوي ميله في نظره إلى الكفر والإسلام عزيز
الحالة الثالثة : أن يكون لها سكون إلى الشيء والتصديق به وهي تشعر بنقيضه أو لا تشعر لكن لو أشعرت به لم ينفر طبعها عن قبوله وهذا يسمى ظنا وله درجات في الميل إلى الزيادة والنقصان لا تحصى فمن سمع من عدل شيئا سكنت إليه نفسه فإن انضاف إليه ثان زاد السكون وإن انضاف إليه ثالث زاد السكون والقوة فإن انضافت إليه تجربة لصدقهم على الخصوص زادت القوة فإن انضافت إليه قرينة كما إذا أخبروا عن أمر مخوف وقد اصفرت وجوههم واضطربت أحوالهم زاد الظن وهكذا لا يزال يترقى قليلا قليلا إلى أن ينقلب الظن علما عند الانتهاء إلى حد التواتر
والمحدثون يسمون أكثر هذه الأحوال علما ويقينا حتى يطلقوا القول بأن الأخبار التي تشتمل عليها الصحاح توجب العلم والعمل
وكافة الخلق إلا آحاد المحققين يسمون الحالة الثانية يقينا ولا يميزون بين الحالة الثانية والأولى
والحق أن اليقين هو الأول والثاني مظنة الغلط
فإذا ألفت برهانا من مقدمات يقينية على الذوق الأول وراعيت صورة تأليفه على الشروط الماضية فالنتيجة ضرورية يقينية يجوز الثقة بها هذا بيان نفس اليقين
أما مدارك اليقين فجميع ما يتوهم كونه مدركا لليقين والاعتقاد الجزم ينحصر في سبعة أقسام
الأول: الأوليات : وأعني بها العقليات المحضة التي أفضى ذات العقل بمجرده إليها من غير استعانة بحس أو تخيل مجبل على التصديق بها مثل