كتاب المستصفى للغزالي - الرسالة (اسم الجزء: 1)

الوهم أن يتأمل ذات القدرة والعلم والإرادة لصور لكل واحد قدرا ومكانا مفردا ولو فرضت له اجتماع هذه الصفات في جزء واحد أو جسم واحد لقدر بعضها منطبقا على البعض كأنه ستر رقيق مرسل على وجهه ولم يقدر على اتحاد البعض بالبعض بأسره فإنه ربما يشاهد الأجسام ويراها متميزة في الوضع فيقضي في كل شيئين بأن أحدهما متميز في الوضع عن الآخر
الطريق الثاني : وهو معيار في آحاد المسائل وهو أن نعلم أن جميع قضايا الوهم ليست كاذبة فإنها توافق العقل في استحالة وجود شخص في مكانين بل لا تنازع في جميع العلوم الهندسية والحسابية وما يدرك بالحس وإنما تنازع فيما وراء المحسوسات لأنها تمثل غير المحسوسات بالمحسوسات إذ لا تقبله إلا على نحو المحسوسات فحيلة العقل مع الوهم في أن يثق بكذبه مهما نظر في غير محسوس أن يأخذ مقدمات يقينية ليساعده الوهم عليها وينظمها نظم البرهان الذي ذكرناه فإن الوهم يساعد على أن اليقينيات إذا نظمت كذلك كانت النتيجة لازمة كما سبق في الأمثلة وكما في الهندسيات فتجد ذلك ميزانا وحاكما بينه وبينه فإذا رأى الوهم قد زاغ عن قبول نتيجة دليل قد ساعد على مقدماته وساعد على صحة نظمها وعلى كونها نتيجة علم أن ذلك من قصور في طباعه عن إدراك مثل هذا الشيء الخارج عن المحسوسات
فاكتف بهذا القدر فإن تمام الإيضاح فيه تطويل
السابع المشهورات: وهي آراء محمودة يوجب التصديق بها إما شهادة الكل أو الأكثر أو شهادة جماهير الأفاضل كقولك الكذب قبيح وإيلام البريء قبيح وكفران النعم قبيح وشكر المنعم وإنقاذ الهلكى حسن
وهذه قد تكون صادقة وقد تكون كاذبة فلا يجوز أن يعول عليها في مقدمات البرهان فإن هذه القضايا ليست أولية ولا وهمية فإن الفطرة الأولى لا تقضي بها بل إنما ينغرس قبولها في النفس بأسباب كثيرة تعرض من أول

الصفحة 99