كتاب أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم ودلالتها على الأحكام الشرعية (اسم الجزء: 1)
المطلب الثاني تعيين المندوب من أفعاله صلى الله عليه وسلم
يتعين المندوب من أفعاله - صلى الله عليه وسلم - بأمور:
الأول: بالقول. ومثاله أنه - صلى الله عليه وسلم - سئل عن صيامه ليومي الاثنين والخميس فقال: "تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم" (١).
فبيّن - صلى الله عليه وسلم - أنه استحبّ صيام اليومين المذكورين. ولو كان صومهما واجباً لما ذكر هذا، بل كان يبين وجوبه.
الثاني: أن يكون الفعل بياناً لقول دال على الندب، أو امتثالاً له.
الثالث: أن يسوّي بين الفعل وفعل آخر مندوب، والتخيير تسوية، لأنه لا يخيّر بين ما هو مندوب وما ليس بمندوب (٢).
الرابع: أن يكون وقوعه مع قرينة قد تقرر في الشريعة أنها أمارة للندب، على وزن ما قالوه في الوجوب. ومثاله عندنا. أنه - صلى الله عليه وسلم -: "كان يوتر على البعير" (٣). فذلك يقتصي أن الوتر في حقه - صلى الله عليه وسلم - مندوب، وليس واجباً، كما قاله ادّعى أنه كان واجباً عليه - صلى الله عليه وسلم - خاصة. وكذا يرد به على أبي حنيفة في قوله: "إِنه واجب عليه - صلى الله عليه وسلم - وعلينا" (٤).
---------------
(١) الترمذي، وقال "غريب" (نيل الأوطار ٤/ ٢٦٣)
(٢) أبو شامة: المحقق ق ٣٤ ب
(٣) متفق عليه (الفتح الكبير).
(٤) نيل الأوطار ٣/ ٣٣