كتاب أمالي القالي (اسم الجزء: 1)

وأنا بكيت من الفراق ... فهل بكيت كما بكيت
ولطمت خدى خاليا ... ومرسته حتى اشتفيت
وعواذلى ينهيننى ... عمن هويت فما انتهيت
قَالَ الزبير: وأنا لا أودعك حتى أنشدك:
أزف البين المبين ... وجلا الشك اليقين
لم أكن لا كنت أدرى أن ذا البين يكون ... علموني كيف أشتاق إذا خف القطين
وأنشدنا الأخفش، قَالَ: أنشدنا ابن المدبر للمجنون، وقَالَ لى: ما سمعت أغزل من هذين البيتين:
أمزمعة ليلى ببين ولم تمت ... كأنك عما قد أظلك غافل
ستعلم إن شطت بهم غربة النوى ... وزالوا بليلى أن قلبك زائل
وأنشدنا أَبُو بَكْرِ بن الأنبارى، عَنْ أبيه:
نحن غادون من غدٍ لافتراق ... وأرانى أموت قبل يكون
فلئن مت فاسترحت من البين ... لقد أحسنت إِلَى المنون
قَالَ أَبُو بَكْرٍِ: وأنشدنا أَبُو الحسن المظفر بن عبد الله:
ما يريد الفراق، لا كان، منا ... أشمت الله بالفراق التلاقى
لو وجدنا عَلَى الفراق سبيلا ... لأذقنا الفراق طعم الفراق
وأنشدنا أَبُو بَكْرِ بن دريد لأعرابى، وغيره يقول: إنها لحبيب:
لو كان فِي البين إذ بانوا لهم دعة ... لكان بينهم من أعظم الضرر
فكيف والبين موصول به تعب ... تكلف البيد فِي الإدلاج والبكر
لو أن ما تبتلينى الحادثات به ... يكون بالماء لم يشرب من الكدر
أو كان بالعيس ما بي يوم رحلتهم ... أعيت عَلَى السائق الحادي فلم تسر
كأن مطاياهم إذا وخدت يقعن ... فِي حر وجهي أو عَلَى بصري

الصفحة 164