كتاب الجامع لعلوم الإمام أحمد (اسم الجزء: 1)

المرحلة الثالثة: مرحلة تحرير المذهب وضبطه وتنقيحه (من منتصف القرن الخامس حتى أواخر القرن التاسع الهجري)
استقر المذهب في هذه المرحلة من حيث المسائل الفقهي، لكن كان يحتاج إلى مزيد من ضبط وتحرير وتنقيح، واستيعابًا لمسائل أبواب الفقه الفرعية التي تخرج على المسائل المروية عن الإمام وعلى أصول المذهب.
وهنا جاء دور كثير من محققي المذهب وشيوخه الذين خدموا المذهب بالتصنيف في الفقه والأصول وتأليف المتون والشروح عليها، وهذِه المرحلة تضم "طبقة المتوسطين" ورأس هذِه الطبقة ورئيسها حامل لواء المذهب القاضي أبو يعلى الفراء (ت 458 هـ) وتنتهي بوفاة ابن مفلح (ت 884 هـ)، وهي طبقة حافلة بشيوخ المذهب الكبار، وبيوت الحنابلة في العراق والشام (¬1)، ويدخل في هذِه المرحلة المرداوي (ت 885 هـ) وهو من المصنفين في "طبقة المتأخرين".
وقد حوت "طبقة المتوسطين" وحدها نحو (166) علمًا من فقهاء المذهب، وقد بلغت تآليفهم في الفقه الحنبلي وأصوله نحو (5) كتابًا.

ويمكن أن نوجز أهم جهود رجال هذِه المرحلة في:
أولًا: ضبط القواعد العامة في نقل المسائل المروية عن الإمام أحمد وأصحابه، ومن ثَمَّ تبين ما هو منصوص، وما ليس منصوصًا، وما هو منصوص: هل فيه رواية واحدة أو أكثر؟ وهل الروايات المتعددة مختلفة أو متفقة؟ وهكذا.
ثانيًا: تخريج الفروع على الأصول، وبناء غير المنصوص على
¬__________
(¬1) انظر "المدخل المفصل" الشيخ بكر أبو زيد 1/ 463 وما بعدها.

الصفحة 111