كتاب الجامع لعلوم الإمام أحمد (اسم الجزء: 1)

فحسبك ممن يرضى به في الأصول قدوة.
قال ابن الجوزي: إن أحمد ضم إلى ما لديه من العلم ما عجز عنه القوم من الزهد في الدنيا وقوة الورع ولم ينقل عن أحد من الأئمة أنه امتنع من قبول أوقاف السلاطين وهدايا الإخوان كامتناعه ولولا خدش وجوه فضائلهم رضي اللَّه عنهم لذكرنا عنهم ما قبلوا ورخصوا بأخذه (¬1).
وقال قتيبة: لولا أحمد لأحدثوا في الدين، أحمد إمام الدنيا (¬2).
واعلم أن اختيار العلماء للمذهب المراد به: السلوك على طريقة أصوله في استنباط الأحكام وليس تقليده في الفروع، وكيف يظن بمثل أحمد بن جعفر ابن المنادي وأبي بكر النجاد، ومحمد بن الحسن أبو بكر الآجري، والحسن بن حامد، والقاضي أبي يعلى محمد بن الحسين بن محمد بن خلف بن الفرا، وأبي الوفاء علي بن عقيل البغدادي، وأبي الخطاب محفوظ بن أحمد الكلوذاني، وعلي بن عبيد اللَّه الزاغواني، وموفق الدين عبد اللَّه بن قدامة المقدسي، وشيخ الإسلام المجد ابن تيمية، وحفيده الإمام تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية، والمحقق شمس الدين محمد بن القيم، وغيرهم أنهم مقلدون في الفروع وكتبهم الممتلئة بالأدلة طبقت الآفاق ومداركهم ومسالكهم سارت بمدحها الركبان وكتبهم ملأت قلب كل منصف من الإيمان والإيقان (¬3).
¬__________
(¬1) "المناقب" ص 600.
(¬2) "سير أعلام النبلاء" 11/ 195.
(¬3) انظر "المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل" لابن بدران ص 111 وما بعدها.

الصفحة 58