كتاب الجامع لعلوم الإمام أحمد (اسم الجزء: 1)

تطيب نفسي في الحمل عنك أنك تعلم منذ مضى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قد لزم أصحابه قوم ثم لم يزل يكون للرجل أصحاب يلزمونه ويكتبون.
قال: من كتب؟ قلت: أبو هريرة قال: وكان عبد اللَّه بن عمرو يكتب ولم أكتب فحفظ وضيعت. فقال لي: هذا الحديث. فقلت: له فما المسائل إلا حديث ومن الحديث تشتق. قال لي: اعلم أن الحديث نفسه لم يكتبه القوم.
قلت: لم لا يكتبون؟ قال: لا إنما كانوا يحفظون ويكتبون السنن إلا الواحد بعد الواحد الشيء اليسير منه، فأما هذِه المسائل تدون وتكتب في ديوان الدفاتر فلست أعرف فيها شيئًا. ثم قال لي: انظر إلى سفيان ومالك حين أخرجا ووضعا الكتب والمسائل كم فيها من الخطأ، وإنما هو رأي يُرى اليوم شيئًا وينتقل عنه غدا، والرأي قد يخطئ. فإذا صار إلى هذا الموضع دار هذا الكلام بيني وبينه غير مرة.
وقال لي أبو عبد اللَّه وأنا أكتب عنه المسائل: يا أبا الحسن ما كنت أكتب من هذا شيئًا إلا شيئًا يسيرًا عن عبد الرحمن ربما كتبت المسألة.
قال أبو بكر الخلال: وفي مسائل الميموني شيء كثير يقول فيها قرأت على أبي عبد اللَّه كذا وكذا فأملى علي كذا -يعني: الجواب.
وبرغم نهيه عن الكتابة إلا الشيء اليسير منها (¬1)، إلا أنه قد دون كثير من أصحابه كثير من فتواه وأقواله، ومنها ما روجع عليه كالمسائل التي عرضها الأثرم أو التي حملها الكوسج من خراسان إلى بغداد وعرضها عليه مسألة مسألة، أو التي حدثه عنها الميموني، أو التي جمعها زهير بن حرب وغيرهم.
¬__________
(¬1) سيأتي في ترجمته بيان تساهله بعد ذلك في الكتابة عنه، كما تقدم بعضُ ذلك.

الصفحة 60