بابُ الوضوء
111 - قول "التنبيه" [ص 15]: (نوى رفع الحدث) أُورِد عليه أمور:
أحدها: أن الأصح: أن دائم الحدث لا يكفيه الاقتصار على نية رفع الحدث، أورده في "التصحيح" (¬1)، وقد يقال: هذا مفهوم من قوله في المتيمم: (وينوي استباحة الصلاة) (¬2)، وهذا لا يرد على "المنهاج" و"الحاوي" لتصريحهما بالمسألة بعد ذلك (¬3).
ثانيها: قال في "الكفاية": (شمل كلامه ما لو اجتمع الحدثان أكبر والأصغر وقلنا بعدم الاندراج، والذي أورده الماوردي أنه لا يجزئ عن واحد منهما) (¬4).
قال النشائي في "نكته": (وصححه النووي في "التحقيق"، فكان حقه استدراكه) (¬5).
قلت: هذا استدراك على وجه ضعيف، وليس موضوع التصحيح ذلك.
ثالثها: أنه يقتضي أنه لو نوى رفع الحدث أكبر .. لا يجزئه، والأصح: الإجزاء، كذا صححه في "الكفاية" تبعًا للماوردي (¬6)، لكن صحح صاحب "البيان": عدم الصحة (¬7)، والمتجه: الفرق بين العامد والغالط، كما قاله المحب الطبري، وهو الموافق لقولهم: إن نوى غير ما عليه .. صح مع الغلط لا مع العمد، وقد تورد هذه على "الحاوي"، وقد يُدّعى دخولها في قوله: (أو غيرها غلطًا) (¬8)، وقد يقال: تصحيح "الكفاية" لا ينافي كلام الشيخ؛ فإن تقييد الحدث بالأكبر لا ينافي إطلاقه.
رابعها: أنه يخرج ما لو نوى من عليه أحداث رفع أحدها، والأصح: صحته؛ ولذلك عدل في "المنهاج" عن عبارة "المحرر" (¬9)، وهي مثل عبارة الشيخ إلى قوله: (رفع حدث) بالتنكير؛ ليتناول هذه الصورة كما نبه عليه في "الدقائق" (¬10)، وهو متناول للصورة قبلها، فلا ترد عليه إن وافق على تصحيح "الكفاية"، وإلا .. وردت عليه، وقد يقال: من نوى حديثًا معينًا .. فقد نوى
¬__________
(¬1) تصحيح التنبيه (1/ 73).
(¬2) انظر "التنبيه" (ص 20).
(¬3) انظر "الحاوي" (ص 124)، و"المنهاج" (ص 73).
(¬4) انظر "الحاوي الكبير" (1/ 94).
(¬5) نكت النبيه على أحكام التنبيه (ق 5)، وانظر "التحقيق" (ص 54).
(¬6) انظر "الحاوي الكبير" (1/ 94).
(¬7) البيان (1/ 103).
(¬8) انظر "الحاوي" (ص 123).
(¬9) المنهاج (ص 73)، المحرر (ص 11).
(¬10) الدقائق (ص 33).