كتاب تحرير الفتاوى (اسم الجزء: 1)

فلذلك عبر في "المنهاج" بقوله [ص 75]: (وإن ترك) ليتناول العمد أيضًا.
ثانيهما: قد يفهم من قوله: (ففي الوسط) أنه لو تذكر بعد مضي أكثر الوضوء .. لا يتدارك، فتعبير "المنهاج" بقوله [ص 75]: (ففي أثنائه) أولى.
140 - قول "التنبيه" [ص 15]: (فإن كان قد قام من النوم .. كره له أن يغمس كفيه في الإناء قبل أن يغسلهما ثلاثًا) فيه أمور:
أحدها: قال النووي في "التصحيح": (الصواب: أنه إذا تيقن طهارة يده .. لم يكره غمسها في الإناء) (¬1).
وقال شيخنا الإِمام جمال الدين: (ليس كما ادعاه من نفي الخلاف؛ ففي "الشرحين" و"الروضة" وغيرهما: حكايته وجهين، ثم إن الخلاف قوي؛ لأنه عبر بالأصح) (¬2).
وسبقه إلى هذا الاعتراض السبكي، لكن اعتُرِض عليه (¬3): بأن الأكثرين إنما حكوا الخلاف في الاستحباب، منهم الشيخ أبو حامد والقاضي أبو الطيب والمحاملي والماوردي وابن الصباغ والإمام والبغوي والجرجاني والغزالي (¬4)، وعليه جرى النووي في "شرحي المهذب والوسيط"، وفي "التحقيق" (¬5)، وذكر المسألة بعدها في "التصحيح"، فقال: (ولا استحباب أيضًا في تقديم [غمسها على الغسل] (¬6) على الصحيح) (¬7)، وعليه جرى ابن الرفعة، فلعل النووي يرى أن الخلاف في الاستحباب فقط، فتعبيره في نفي الكراهة بالصواب على رأيه صواب.
وقد قال السبكي: (إثبات الكراهة لكل متيقن سواء قام من النوم أم لا، لا وجه له، ولا أظنه يثبت نقله، قال: نعم؛ قد يقال بها في المستيقظ من النوم فقط، تمسكًا بعموم اللفظ) انتهى.
وأجيب عن "التنبيه": بأنه تبرك بلفظ الحديث على عادته، وقد قال العلماء -ومنهم النووي في شرح المهذب-: ذكر النوم ليس على سبيل الاشتراط، وإنما ورد على سبب كما قال الشافعي، وهو: أن أهل الحجاز كانوا يستنجون بالأحجار، فلم يأمن النائم منهم أن تطوف يده على محل النجو فتتنجس؛ لأن محل النجو إنما عفي عنه بالنسبة إلى الصلاة حتى لو انغمس المستجمر فيما
¬__________
(¬1) تصحيح التنبيه (1/ 74).
(¬2) انظر "تذكرة النبيه" (2/ 410، 411)، و"فتح العزيز" (1/ 122)، و "الروضة" (1/ 58).
(¬3) المعترض هو ابن السبكي تاج الدين عبد الوهاب بن على بن عبد الكافي السبكي. انظر هامش "تذكرة النبيه" (2/ 411, 412).
(¬4) انظر "نهاية المطلب" (1/ 64، 65)، و"الحاوي الكبير" (1/ 101، 102)، و"الوسيط" (1/ 281، 282).
(¬5) المجموع (1/ 412)، شرح الوسيط (1/ 282)، التحقيق (ص 56).
(¬6) هكذا في جميع النسخ، وفي "التصحيح": (غسلها على الغمس).
(¬7) تصحيح التنبيه (1/ 74).

الصفحة 118