كتاب تحرير الفتاوى (اسم الجزء: 1)

وصحح النووي: أن المتغير نجس، وأما الباقي: فإن كان قلتين .. لم ينجس، وإلا .. فهو نجس؛ فإن هذا المتغير بالنجاسة لا يزيد على عين النجاسة. انتهى (¬1).
ويمكن موافقة كلامهما له، فإن قولهما: (تغيَّر) صفة للكثير، وذلك يتناول الكل؛ فإنه يصح عند تغير البعض أن يقال: ما تغير هذا، إنما تغير بعضه، فماطلاق التغير عليه مجاز.
17 - قولهم -والعبارة لـ "التنبيه"-: (وإن زال التغير بنفسه، أو بماء .. طهر) (¬2) أي: بماء زيد عليه أو أخذ منه، كما صرح به في "التهذيب" (¬3)، وقال في "شرح المهذب": (لا خلاف فيه، وصوره بأن يكون مختنقاً لا يدخله الريح، فإذا نقص .. دخلته وقصرته) (¬4).
18 - قول "المنهاج" [ص 68]: (أو بمسك وزعفران .. فلا) اعترض عليه في هذا التعبير، بأن العلة في عدم عود الطهورية: احتمال أن التغير استتر، ولم يزل، فكيف يعطفه على ما جزم فيه بزوال التغير وذلك تهافت؟ وعبارة "المحرر" سالمة من هذا حيث قال: (إن زال بنفسه أو بماء .. طهر، وإن طرح فيه مسك أو زعفران فلم يوجد التغير .. لم يطهر) انتهى (¬5).
والجواب عنه: أن المراد: زواله ظاهراً، وإن أمكن استتاره باطناً، والله أعلم.
19 - قوله: (وكذا تراب وجص في الأظهر) (¬6) فيه أمور:
أحدها: فيه ما سبق من التجوز في التغير في المسك والزعفران.
ثانيها: أنه أطلق القولين، ومحلهما: في حال الكدورة، فإن صفا، ولا تغير به .. طهر قطعاً؛ كما في "شرح المهذب" (¬7).
ثالثها: نقل الرافعي عن بعضهم: أنه خصص القولين بما إذا كان التغير بالرائحة، فأما اللون والطعم .. فلا يطهر بالتراب قطعاً، قال: والأصول المعتمدة ساكتة عن هذا التفصيل (¬8).
قال النووي: (بل مصرحة بخلافه، ففرضها المحاملي والفوراني في التغير بأحد الأوصاف الثلاثة، وفرضها المتولي في اللون والرائحة) (¬9).
رابعها: في الجص ونحوه مما ليس له صفة غالبة ولا طهورية طريقة قاطعة بأنه لا يطهر؛ فكان
¬__________
(¬1) انظر "الروضة" (1/ 20)، و "المجموع" (1/ 163، 164).
(¬2) انظر "التنبيه" (ص 13)، و"الحاوي" (ص 117)، و"المنهاج" (ص 68).
(¬3) التهذيب (1/ 158).
(¬4) المجموع (1/ 191).
(¬5) المحرر (ص 8).
(¬6) انظر "المنهاج" (ص 68).
(¬7) المجموع (1/ 134).
(¬8) انظر "فتح العزيز" (1/ 46).
(¬9) انظر "المجموع" (1/ 134).

الصفحة 74