كتاب تحرير الفتاوى (اسم الجزء: 1)

1863 - قولهم فيما إذا تلف المبيع قبل القبض: (انفسخ البيع) (¬1) أي: بآفة سماوية، ويستثنى منه: ما لو طلبه المشتري، فمنعه منه وهو ظالم في منعه، فتلف .. فهو كما لو أتلفه البائع، كما حُكي عن القاضي حسين، وفيه احتمال للإمام (¬2).
ومفهوم كلامهم أنه بعد القبض لا ينفسخ ولو في الخيار، ويستثنى: ما إذا قلنا: الملك للبائع .. فالصحيح: انفساخه كما تقدم، وفي معنى التلف: وقوع الدرة في البحر، وانفلات الطير، وتعبير "المنهاج" بقوله [ص 224]: (فإن تلف .. انفسخ البيع) أحسن من قول "المحرر": (ومعناه: أنه إذا تلف .. انفسخ) (¬3) فإنه فسره بذلك، ولا ينحصر فيه، فإن تَعَيُّبَهُ أيضًا يثبت الخيار، فهو من أحكامه أيضًا.
1864 - قول "المنهاج" فيما لو أبرأه المشتري عن الضمان [ص 224]: (ولم يتغير الحكم) تبع فيه "المحرر" (¬4)، ولا فائدة فيه مع قوله: (لم يبرأ) إلا مجرد التأكيد (¬5).
1864 - قول "التنبيه" [ص 87]: (وإن أتلفه المشتري .. استقر عليه الثمن) بمعنى قول "المنهاج" [ص 224] و"الحاوي" [ص 273]: (وإتلاف المشتري قبضٌ)، وتناول تعبير "التنبيه" و"الحاوي" حالتي علمه بأنه المبيع وجهله بذلك، وفصل "المنهاج" بقوله [ص 224]: (إن علم، وإلا .. فقولان كأكل المالك طعامه المغصوب ضيفًا) والأصح: براءة الغاصب، فيكون هنا قبضًا، ومقابله: أنه كإتلاف البائع إن قدمه إليه البائع، وكإتلاف الأجنبي إن قدمه إليه أجنبي، فإن لم يقدمه إليه أحد .. فالظاهر: الجزم بأنه قبض، وعموم "المنهاج" يقتضي قولين.
ويستثنى من كونه قبضًا مسألتان:
الأولى: ما لو قتله لصياله عليه .. فالأصح عند النووي: أنه ليس قبضًا (¬6).
الثانية: ما إذا ارتد، وكان المشتري هو الإمام، فقتله للردة، فإن كان المشتري غيره، فقتله .. كان قبضًا، قاله البغوي في "فتاويه"، وأقره الرافعي عليه (¬7)، وفيه إشكالان:
أحدهما: أنه كما أن للإمام قتل العبد إذا ارتد .. كذلك للسيد؛ لأن الأصح: أن له إقامة الحد على عبده، فينبغي ألاَّ يستقر عليه الثمن بقتله كالإمام. وجوابه: أنه لو قتله، وقلنا: له ذلك ..
¬__________
(¬1) انظر "التنبيه" (ص 87)، و"الحاوي" (ص 280)، و"المنهاج" (ص 224).
(¬2) انظر "نهاية المطلب" (5/ 201).
(¬3) المحرر (ص 147).
(¬4) المحرر (ص 147).
(¬5) في حاشية (أ): (قال الزركشي: فائدة هذا مع ما قبله: نفي توهم عدم الانفساخ إذا تلف، وأن الإبراء كما لا يرفع الضمان لا يرفع الفسخ بالتلف ولا المنع من التصرف) انظر "مغني المحتاج" (2/ 66).
(¬6) انظر "الروضة" (3/ 501).
(¬7) انظر "فتح العزيز" (10/ 311).

الصفحة 759