ثالثها: يرد على ظاهر عبارتهم: ما إذا صب ماء نجس على مطلق ينقص عن القلتين بقدره فبلغا قلتين .. فإنه لا ينجس المطلق، بل يطهر النجس.
21 - قول "المنهاج" [ص 68]: (فلو كوثر بإيراد طهور فلم يبلغهما .. لم يطهر، وقيل: طاهر لا طهور) هذه القيود -وهي: كون المصبوب وارداً، وكونه طهوراً، وكونه أكثر من المورود- شروط للقول بالطهارة، لا للقول بعدمها، فكان الأحسن أن يقول: (فلو لم يبلغهما .. لم يطهر، وقيل: إن كوثر بإيراد طهور .. فهو طاهر غير طهور).
22 - قولهم: (إن الميتة التي لا دم لها سائل، لا تنجس الماء القليل) (¬1) محله: إذا لم تغيره، فإن غيرته .. نجسته على الأصح، ويزداد "التنبيه" و" المنهاج لما إيرادين آخرين:
أحدهما: أنهما أطلقا القولين، ومحلهما: فيما ليس نشؤه منه، أما العلق، ودود الخل، والفاكهة، والجبن إذا مات فيما نشأ منه .. لا ينجسه قطعاً، وقد يفهم من قول "التنبيه" [ص 13]: (وقع).
ثانيهما: أن محل العفو: ما لم يطرح، فإن طرح قصداً .. لم يعف عنه، كما جزم به في "الشرح" و"الحاوي" الصغيرين، وسنتكلم عليه.
وعلى "التنبيه" إيراد رابع، وهو: أنه لم يبين الأظهر من القولين، وهو: العفو.
وعلى "المنهاج" إيرادان آخران:
أحدهما: أن قوله: (فلا تنجس مائعاً) (¬2) أعم من قول "المحرر" [ص 8]: (فلا ينجس الماء)، ومن قول "التنبيه" [ص 13]: (وإن وقع فيما دون القلتين منه) أي: من الماء المطلق، وهو أحسن؛ فإن الحكم غير مختص بالماء، بل يعم الدهن، والمرق وغيرهما.
ومع حسنها أورد بعضهم عليها: أن المائع في عرف الفقهاء قسيم للماء الطهور، فقد يُفهم أن الخلاف مختص بغير الماء، وأن الماء يجزم فيه بالطهارة؛ لقوته على الدفع.
لكن جواب هذا الإيراد: أن هذا الاستثناء عائد إلى قوله: (ودونهما ينجس بالملاقاة) أي: دون القلتين من الماء، فانتفى أن يكون المراد: المائع الذي هو قسيم الماء الطهور، بل المراد: المائع الذي هو أعم منه.
نعم؛ قال بعضهم (¬3): لو قال: (رطباً) .. لكان أشمل؛ ليعم الإناء، والثوب الرطبين، وكذا الفاكهة الرطبة، وهو حسن.
¬__________
(¬1) انظر "التنبيه" (ص 13)، و "الحاوي" (ص 116)، و "المنهاج" (ص 68).
(¬2) انظر "المنهاج" (ص 68).
(¬3) في (ج): (هو الشيخ جمال الدين، وتبعه الشيخ شهاب الدين)، وانظر "السراج على نكت المنهاج" (1/ 54).