وكذا "التنبيه" بقوله [ص 87]: (ولا ينفذ تصرف البائع في الثمن إن كان معينًا حتى ينقطع خيار المشتري ويقبض الثمن) وهو داخل في قول "الحاوي" [ص 280]: (فيما يضمن بالعقد)، ثم زاد إيضاحًا، فمثل به بقوله [ص 280، 281]: (كمُعَيَّن الثمن).
1873 - قول "المنهاج" [ص 225]: (ولا يصح بيع مسلم فيه) فيه نقص؛ لأن المبيع في الذمة إذا عقد عليه لا بلفظ السلم .. ليس سلمًا، ولا يصح بيعه ولا الاعتياض عنه، وأما قول "الحاوي" [ص 281]: (ودين السلم) .. فهو مثال مع دخول هذه الصورة في قوله أولًا: (فيما يضمن بالعقد) (¬1).
1874 - قول "التنبيه" [ص 87]: (وإن كان الثمن في الذمة .. فهل يجوز قبل القبض؟ فيه قولان، أصحهما: أنه يجوز) تناول كلامه ما إذا كان بيعه للمشتري، وهو الاستبدال، وما إذا كان لأجنبي.
فأما الأول: فالجديد: جوازه، لكن يشترط القبض في المجلس فيما إذا استبدل موافقًا في علة الربا؛ كدراهم عن دنانير، وقمح عن شعير، وقد ذكره "المنهاج" و"الحاوي" (¬2)، فإن استبدل غير موافق في علة الربا .. لم يشترط ذلك، لكن يشترط تعيين العوض في المجلس وإن لم يشترط عند العقد، ولم يتعرض لذلك "الحاوي"، وهو مفهوم قول "المنهاج" [ص 225]: (لا يشترط التعيين في العقد، وكذا القبض في المجلس) فدل على اشتراط التعيين في المجلس، والله أعلم.
والتصرف قبل القبض بالإبراء جائز، ولا يتصور الإبراء إلا قبل القبض.
وأما الثاني: فلا خلاف في منع بيعه بدين، فإن باعه بعين .. بطل أيضًا على الأصح عند الرافعي (¬3) والنووي في "المنهاج" حيث قال [ص 225]: (وبيع الدين لغير من عليه باطلٌ في الأظهر)، وهو مفهوم قول "الحاوي" [ص 281]: (يباع ممن عليه)، لكن صحح النووي في "الروضة" من زوائده هنا، وفي (الخلع) في "أصل الروضة": صحته، لكن بشرط أن يقبض مشتري الدين الدين ممن عليه، وأن يقبض بائع الدين العوض في المجلس، فإن تفرقا قبل قبض أحدهما .. بطل العقد (¬4).
قال السبكي: لم أره لغير البغوي والرافعي، وينبغي ألاَّ يشترط إلا القبض من أحد الجانبين، بل يكفي التعيين. انتهى.
وقال ابن الرفعة في "المطلب": مقتضى كلام الأكثرين مخالفتهما. انتهى.
¬__________
(¬1) الحاوي (ص 280).
(¬2) الحاوي (ص 281)، المنهاج (ص 225).
(¬3) انظر "فتح العزيز" (4/ 304).
(¬4) الروضة (3/ 514)، (7/ 435).