ثالثها: الأصح: تصديق مدعي الصحة، وعليه مشى "المنهاج" و"الحاوي" (¬1).
رابعها: يستثنى من هذه القاعدة مسائل:
الأولى: إذا باع ذراعًا من أرض وهما يعلمان ذرعانها، فادعى البائع أنه أراد ذراعًا معينًا حتى يفسد العقد، وادعى المشتري الإشاعة ليصح .. فأرجح الاحتمالين في "الروضة": تصديق البائع (¬2).
الثانية: إذا اختلفا في أن الصلح وقع على الإنكار أو مع الاعتراف .. فأنه يصدق مدعي الإنكار على الصواب، كما قاله في "الروضة" من زياداته (¬3)؛ لأنه الغالب.
الثالثة: لو قال المشتري: (ما رأيت المبيع)، فقال البائع: (بل رأيته) .. ففي "فتاوى الغزالي": أن القول قول البائع (¬4)، قال الرافعي: ولا ينفك هذا عن خلاف (¬5)، قال النووي: هذه مسألة اختلافهما في مفسد للعقد، وفيها الخلاف المعروف، والأصح: أن القول قول مدعي الصحة، وعليه فرعها الغزالي (¬6)، وقال في "المهمات": إنه مردود نقلًا وبحثًا؛ فقد ذكر الشيخ أبو على والشيخ أبو محمد والقاضي حسين والمتولي والروياني والجرجاني وغيرهم: أن القول قول المشتري؛ لأنه أعلم بنفسه، فعلى هذا تستثنى هذه من القاعدة.
الرابعة: عكسه، قال المشتري: (رأيت المبيع)، وأنكر البائع، فذكر البغوي والعمراني في "فتاويهما": تصديق البائع، وقال القفال في "فتاويه": إن سُمع من البائع إقرار بالبيع مطلقًا .. لم يلتفت لقوله، وإن لم يسمع منه إلا كذلك .. فقد أقر بالبيع، ولكن وصل به ما يبطل إقراره، فيخرج على القولين، قال: والحكم في عكسه كما ذكرنا.
الخامسة: قال السيد: كاتبتك وأنا مجنون أو محجور عليَّ، وعرف للسيد ذلك .. صدق، كما ذكره الرافعي في بابه (¬7)، فلو ادعى اتحاد النجم، وادعى المكاتب تعدده .. فحكى الرافعي عن البغوي: تصديق السيد أيضًا، ورأى النووي طرد الخلاف (¬8).
السادسة: قال الجرجاني في "الشافي": فيما إذا قال المشتري: بعتني هذا العصير وهو
¬__________
(¬1) الحاوي (ص 289)، المنهاج (ص 234).
(¬2) الروضة (3/ 579).
(¬3) الروضة (4/ 199).
(¬4) فتاوى الغزالي (ص 36) مسألة (26).
(¬5) انظر "فتح العزيز" (4/ 64).
(¬6) انظر "الروضة" (3/ 376).
(¬7) انظر "فتح العزيز" (13/ 529).
(¬8) انظر "التهذيب" (8/ 432)، و"فتح العزيز" (13/ 530، 531)، و"الروضة" (12/ 268).