كتاب تحرير الفتاوى (اسم الجزء: 1)

كتابُ السَّلَمِ
1977 - قول "المنهاج" [ص 236]: (هو بيع موصوف في الذمة) هو أصح العبارات في تعريف السلم، ومع هذا يرد عليه: ما إذا عقد بلفظ البيع ولم يتعرض للفظ السلم .. فإنه ينعقد بيعًا في الأصح، لا سلمًا، كما ذكره "المنهاج" بعد ذلك (¬1)، خلافًا لقول "التنبيه" [ص 97]: (وينعقد بجميع ألفاظ البيع) وانعقاده سلمًا نص عليه الشَّافعي (¬2)، ويوافقه قول الرافعي في (الأيمان): فيما إذا حلف لا يأكل طعامًا اشتراه زيد .. أنَّه يحنث بما ملكه بالسلم؛ لأنه شراء في الحقيقة والإطلاق (¬3).
قال في "المهمات": فثبت رجحان كونه سلمًا بنص الشَّافعي عليه، وكثرة القائلين به، وفساد دليل مقابله، واختاره السبكي أيضًا، وقال شيخنا الإمام البلقيني: هو الذي يقوى من جهة المعنى، ثم محل انعقاده بيعًا: إذا لم يضم إليه لفظ السلم، فإن ضمه إليه، فقال: اشتريته سلمًا .. انعقد سلمًا، كما جزم به الرافعي في تفريق الصفقة في الأحكام (¬4)، فعلى المرجح في "المنهاج" ينبغي أن يزاد في عبارته: (بلفظ السلم)، ذكره السبكي، وذكر النووي في "التحرير": أن أحسن حدوده: عقد على موصوف في الذمة ببدل يعطى عاجلًا (¬5)، ورده السبكي: بأن التعجيل شرط من شروطه، لا أنَّه داخل في حقيقته.
ومقتضى قول "المنهاج" [ص 236]: (هو بيع) وقول "التنبيه" [ص 97]: (صنف من البيع) أن إسلام الكافر في العبد المسلم لا يصح في الأصح، وهو كذلك في "شرح المهذب" (¬6)، لكن صحح الماوردي: القطع بصحته (¬7)، وتبعه السبكي، وإنَّما عبر "التنبيه" بأنه صنف من البيع، وقال في كل من (الصلح) و (الإجارة): إنه بيع (¬8)؛ لأن السلم بيع دين فقط، وكل من الصلح والإجارة يرد على العين تارة والذمة أخرى.
¬__________
(¬1) المنهاج (ص 236).
(¬2) انظر "الأم" (3/ 94).
(¬3) فتح العزيز (12/ 305).
(¬4) انظر "فتح العزيز" (4/ 395).
(¬5) تحرير ألفاظ التنبيه (ص 187).
(¬6) المجموع (9/ 363).
(¬7) انظر "الحاوى الكبير" (5/ 893).
(¬8) التنبيه (ص 103، 122).

الصفحة 805