كتاب تحرير الفتاوى (اسم الجزء: 1)

فَصْلٌ [في الاستبدال عن المسلم فيه]
2022 - قول "التنبيه" [ص 99] (وقيل: إن كان الأجود من نوع آخر .. لم يجب قبوله) هذا الوجه هو الأصح، بل الأصح: أنَّه لا يجوز قبوله؛ لأنه كالاعتياض، وعلى ذلك مشى "المنهاج" فقال [ص 239]: (لا يصح أن يُستَبدل عن المُسلَمِ فيه كيرُ جِنسهِ ونوعه، وقيل: يجوز في نوعه ولا يجب) وأفهم كلامه نفي وجه بوجوبه، وليس كذلك، بل هو وجه مشهور، وقد عرفت أنَّه مقتضى كلام "التنبيه" (¬1)، وهو أيضًا مقتضى قول "الحاوي" [ص 295]: (ووجب قبول الأجود) لكنه محمول على الأجود في الصفة لا في النوع، وصحح السبكي تبعًا لطائفة: جواز الاستبدال عن المسلم فيه من غير نوعه.
2023 - قول "المنهاج" [ص 240]: (ولو أحضره قبل محله فامتنع المُسْلِمُ من قَبُولِهِ لغرضٍ صحيحٍ، بأن كان حيوانًا أو وقت غارةٍ .. لم يُجْبَر) فيه أمور:
أحدها: كذا وقع في "المحرر": (بأن) (¬2)، وصوابه: (كأن) بالكاف، ليكون مثالًا للمسألة لا تفسيرًا لها.
ومن أمثلتها: كونه لحمًا أو فاكهة يريد أكله طريًا، وكونه يحتاج إلى مكان له مؤنة؛ كالحنطة الكثيرة، كذا ذكره الرافعي والنووي (¬3).
قال في "المهمات": ومقتضاه الإجبار على قبولها إذا كانت قليلة، وأن الحجارة الكثيرة ونحوها لا إجبار فيها؛ لما فيها من مؤنة المكان، والذي اعتبره الشَّافعي: أن ما لا يتغير على طول الزمان، كالحديد ونحوه .. يجب قبوله، وما يتغير؛ كالحنطة ونحوها .. لا يجب قبوله، قال في "المهمات": وهو غرض صحيح لا سيما من الذين يطلبون الأسعار في الحبوب ونحوها، وأما المعنى الذي اعتبره الرافعي من مؤنة الموضع .. فهو حقير في الغالب بالنسبة إلى فائدة التعجيل؛ فلذلك أهمل الشَّافعي اعتباره. انتهى (¬4).
ثانيها: لا بد في الحيوان من كون المدة الباقية من الأجل يحتاج فيها ذلك الحيوان، إلَّا مؤنة لها وقع، فلو قصرت المدة .. لم يكن له الامتناع، وقد قيده في "المحرر" بذلك (¬5).
¬__________
(¬1) التنبيه (ص 99).
(¬2) المحرر (ص 162).
(¬3) انظر "فتح العزيز" (4/ 426)، و"الروضة" (4/ 30).
(¬4) انظر "الأم" (3/ 76).
(¬5) المحرر (ص 162).

الصفحة 817