ويختص "المنهاج" بأمرين:
أحدهما: أن مقابل العين: الدين والمنفعة، والخلاف إنما هو في رهن الدين، أما المنفعة: فلا ترهن جزمًا، وقد تفهم عبارته إجراء الخلاف فيها أيضًا.
ثانيهما: أنَّه أطلق الوجه المرجوح في رهن الدين، وله شرط، وهو: أن يكون على مليّ، حكاه النووي في "نكت الوسيط" عن ابن أَبى عصرون، وأقره.
2048 - قول "المنهاج" [ص 242] في رهن الأم دون ولدها، وعكسه: (وعند الحاجة يباعان، وبوزع الثمن) محله: في الآدميات، ولا يرد ذلك على "الحاوي" لكونه ذكره في البيع، وقيد ذلك بقوله: (إلى التمييز) (¬1) فأخرج البهيمة.
2049 - قول "المنهاج" [ص 242]: (والأصح: أنَّه تقوّم الأم وحدها ثم مع الولد فالزائد قيمته) محله: إذا كانت الأم هي المرهونة، فلو كان الولد هو المرهون .. انعكس العمل، فالأصح: تقويم الولد وحده ثم يقوم معها فالزائد قيمتها، فكان ينبغي أن يقول: يقوّم المرهون وحده ثم مع الآخر فالزائد قيمة الآخر؛ لكونه فرض المسألة أولًا في رهن الأم دون ولدها، وعكسه، ولم يخصها برهن الأم دون ولدها حتَّى يخص هذا التفريع بالذكر، وهذا وارد على "الحاوي" أيضًا؛ لقوله [ص 267]: (وإن رُهن واحدٌ .. وُزِّع بقيمتهما وقيمتها) أي: الأم، فلو قال: (وقيمتِهِ) أي: المرهون .. لاستقام، ووقع ذلك في "الروضة" وأصلها كذلك بهذا الخلل (¬2)، وصوابه: ما ذكرته.
2050 - قول "المنهاج" [ص 242]: (ورهن جان ومرتد كبيعهما) يقتضي أن في الجاني الطرق المتقدمة في البيع بما فيها من الترجيح، والذي في "شرحي الرافعي" و"الروضة": إن بطل البيع .. فالرهن أولى، وإلَّا .. فقولان، والفرق: أن الجناية العارضة تقدم على حق المرتهن (¬3)، فأولى أن تمنعه في الابتداء، فإن صح .. فلا يكون به ملتزمًا للفداء عند الجمهور، بخلاف بيعه (¬4).
وليس في هذا الكلام ما يؤخذ منه تصحيح صحة رهن الجاني عمدًا، وإنَّما ذلك في "المحرر" (¬5)، وحكاه السبكي عن النص، واستشكله، وقال: لولا النص .. لجزمت ببطلان رهن الجاني مطلقًا.
¬__________
(¬1) الحاوي (ص 266).
(¬2) الروضة (4/ 42).
(¬3) في (أ)، (ج): (الراهن)، والمثبت من باقي النسخ، وهو الموافق لما في "الروضة".
(¬4) فتح العزيز (4/ 447)، الروضة (4/ 45).
(¬5) المحرر (ص 164، 165).