كتاب فتح الودود في شرح سنن أبي داود (اسم الجزء: 1)

2 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَرَادَ الْبَرَازَ انْطَلَقَ، حَتَّى لَا يَرَاهُ أَحَدٌ».
===
المراد؛ إذ يفهم منه مذهب يناسبه الإبعاد وهو في المعتاد هو هذا المذهب. وقد جوز أن المذهب في الحديث مصدر ميمي , والمراد الذهاب المخصوص بقرينة لام العهد.
وقوله: "أبعد" هو على ما في القاموس والصحاح متعدي، فالمفعول مقدر أي حاجة، أي سترها عن أعين الناس أو نفسه، وكان حذف الكراهة ذكر تلك الحاجة أو لكراهة نسبة الإبعاد إلى النفس، والمراد: أنه يذهب إلى أن يغيب عن الأعين كما يدل عليه الحديث الثاني، فهو كالتفسير له فلذلك آخره المؤلف رحمه الله تعالى، ما أدق نظره في التهذيب والترتيب! والله تعالى أعلم.

2 - قوله: "إذا أراد البراز" قال الخطابي: بفتح الباء اسم، للفضاء الواسع من الأرض كنَّوا به عن حاجة الإنسان، كما كنوا عنها بالخلاء، وأكثر الرواة يقولون بكسر الباء وهو غلط، إنما ذاك المصدر بارزت الرجل في الحرب [مبارزة وبرازا] (¬1)، ورده النووي فقال: ليس الكسر غلطًا كما قال: بل هو صحيح أو أصح، فقد صرح بالكسر الجوهري (¬2) والرواية بالكسرة.
وقوله: "حتى لا يراه أحد" يحتمل الغاية والتعليل، والأول أظهر، وفي رواية المصنف اختصار، وزاد ابن عدي والبيهقي: "فنزلنا منزلًا بأرض ليس فيها
¬__________
(¬1) ما بين المعقوفتين من معالم السنن وبه يتم المعنى 1/ 9.
(¬2) الصحاح ص 48.

الصفحة 17