كتاب فتح الودود في شرح سنن أبي داود (اسم الجزء: 1)

اللِّحْيَةِ، وَالسِّوَاكُ، وَالِاسْتِنْشَاقُ بِالْمَاءِ، وَقَصُّ الْأَظْفَارِ، وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ، وَنَتْفُ
===
اختارها الأنبياء عليهم السلام، واتفقت عليها الشرائع، فكأنه أمر جبلي فطروا عليها.
وقال الخطابي: أكثر العلماء على تفسيرها بالسُّنة، أي أن هذه الخصال من سنن الأنبياء الذين أمرنا أن نقتدي بهم، وهي الكلمات التي ابتلى الله تعالى إبراهيم بها كما روى عن ابن عباس، وقد أمرنا بمتابعته خصوصًا في قوله تعالى: {ثُمَّ أَوْحَينَا إِلَيكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} (¬1).
ورواية خمس لا تنفي الزيادة إذ لا مفهوم للعدد، ثم عشر مبتدأ بتقدير عشر خصال أو خصال عشر، والجار والمجرور خبر له أو صفة، وما بعده خبر.
وقوله: "قص الشارب، أي قطعه، والشارب: الشعر النابت على الشفة، والقص هو الأكثر في الأحاديث نص عليه الحافظ بن حجر وهو مختار مالك، وجاه في بعضها الإحفاء وهو مختار أكثر العلماء، والإحفاء هو الاستيصال.
قال الطبري: القص يدل على أخذ البعض، والإحفاء على أخذ الكل، وكلاهما ثابت، فيتخير فيما شاء. ورجح قوله الحافظ ابن حجر ثم السيوطي في حاشية الكتاب، وقال: لما فيه من الجمع بين الأحاديث.
قلت: قد يقال بل فيه إبطال الأحاديث كلها؛ لأن أحاديث القص تدل على تعيين القص لا على غيره، والإحفاء يدل على تعيين الإحفاء، فالتخيير إبطال للكل، والتوفيق بين الأحاديث بحمل أحدهما على المجاز غير مستبعد، فالظاهر أن يحمل الإحفاء على معنى القص؛ لأن مالكًا كان أعلم بسنة أهل المدينة وكان
¬__________
(¬1) معالم السنن 1/ 31. والآية من سورة النحل: آية (133).

الصفحة 52