كتاب المخلصيات (اسم الجزء: 1)

عَليكم ويُقرُّكم على هيأَتِكم في بلادِكم، أو أَن تُلقوا إليه بالحربِ، فنَخَروا نَخرةً حتى خرجَ بعضُهم مِن برانِسِهم وقَالوا: لا نَتبعُهُ على دِينهِ ونَدعُ دِينَنا ودينَ آبائِنا، ولا نُقِرُّ له بخَرْجٍ يَجري له عَلينا، ولكنَّا نُلقي إليه بالحربِ، فقالَ: قد كانَ ذاكَ رأْيي، ولكنِّي كرهتُ أَن أَفتاتَ عَليكم بأمرٍ حتى أَعرِضَه عَليكم.
قالَ عبادٌ: فقلتُ لابنِ خُثيمٍ: أو ليسَ قد كانَ (¬1) قارَبَ وهَمَّ بالإسلامِ فيما بلَغَنا؟ قالَ: بَلى، لولا ما رأَى مِنهم، قالَ: تُعطوني رَجلاً - أظنُّه قالَ: مِن العربِ - فأبعثُ إِليه مَعه بجوابِه (¬2) .
قالَ: فأُتيتُ وأَنا شابٌّ فانطُلِقَ بي إليهِ، فكتَبَ جوابَه وقالَ: مَهما نَسيتَ مِن شيءٍ فاحفظْ عَني ثلاثَ خِلالٍ (¬3) : انظُرْ إِذا هو قرأَ كِتابي هل يذكُرُ الليلَ والنهارَ، وهل يذكُرُ كتابَه إليَّ، وانظُرْ هل تَرى في ظهرِهِ عَلَماً.
قالَ: فأَقبلتُ فأتيتُه وهو بتبوكَ في حلقةٍ مِن أصحابِهِ فدَفعتُ إليه الكتابَ، فدَعا معاويةَ فقرأَ عليه الكتابَ، فلمَّا أَتى على قولِهِ: دَعوتَني إلى جنةٍ عَرضُها السماواتُ والأرضُ فأَينَ النارُ؟ فقالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَرأيتَ إذا جاءَ الليلُ فأَينَ النهارُ؟» قالَ: وقالَ: «إنِّي كَتبتُ إلى النَّجاشيِّ كِتاباً فخَرقَهُ فخرَّقَه اللهُ مُخرق المُلكِ - قالَ عبادٌ: فقلتُ لابنِ خُثيمٍ: أَو ليسَ قد أسلَمَ النَّجاشيُّ ونَعاهُ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلى أَصحابِهِ وصلَّى عليهِ؟ قالَ: بَلى، ذاكَ فلانُ بنُ فلانٍ، وهذا فلانُ بنُ فلانٍ - وكتبتُ إلى / كِسرى كتاباً فمزَّقهُ فمزَّقَه اللهُ عزَّ وجلَّ
¬__________
(¬1) في ظ (97) : أو ليس كان قد.
(¬2) في ظ (97) : مع جوابه.
(¬3) في ظ (97) : خصال، وكتب فوقها: خلال.

الصفحة 382