كتاب المطلع على دقائق زاد المستقنع «فقه الجنايات والحدود» (اسم الجزء: 1)

أجيب عن ذلك بأنه عام مخصوص بأدلة وجوب القصاص بدليل أن القاتل بالإكراه يأثم والمعفو عنه لا إثم فيه، ولو كان القاتل بالإكراه معفوا عنه لما أثم، لأن الله أكرم من أن يعاقب على حقه وقد شرع العفو عن حق العباد.
ولو قيل بعدم الإثم لما لزم منه سقوط القصاص؛ لأن الإثم لحق الله والقصاص حق لآدمي وحقوق الله مبناها على المسامحة، ولهذا تسقط بالشبهة ويسقط الإثم مع الإكراه.
ثالثا: الجواب عن قياس القتل مع الإكراه على الإكراه على التلفظ بكلمة الكفر.
أجيب عن ذلك: بأن عدم المؤاخذة بالنطق بكلمة الكفر مع الإكراه؛ لأن ذلك حق الله وحقوق الله مبناها على المسامحة.
رابعا: الجواب عن الاحتجاج بأن القصاص للردع والمكره لا يحتاج ردع.
أجيب عن ذلك من وجهين:
الوجه الأول: أن مشروعية القصاص ليست قاصرة على الردع بل هو مع ذلك للتشفي بقتل القاتل وتغييبه عن أنظار أولياء القتيل.
الوجه الثاني: أن دعوى عدم حاجة المكره إلى الردع غير صحيحة؛ لأنه يحتاج إلى رادع حتى لا يقدم مصلحة نفسه وحياته على حياة غيره ومصلحته.
خامسا: الجواب عن اعتبار القاتل المكره كالآلة:
أجيب عن ذلك: بأن القتل فعل ينشأ عنه الزهوق وقد وجد هذا من المأمور حقيقة، بدليل الحس والمشاهدة والقول بأنه مسلوب الإرادة ممنوع لسببين:
الأول: أنه قتل استبقاء لنفسه وهذا يدل على قصده واختياره.

الصفحة 164