الأمر على ما قال؛ لأن المراد من ذلك أن حكم اليقين لا يرفع بالشك، لا نفس اليقين (¬1)، والله أعلم.
والحاجة ماسَّة جدًا في هذا المقام إلى ذكر مهمات كنت حققتها وأوضحتها فيما سبق لي من "شرح مشكل المهذب"، وأنا أعيد (¬2) ذكرها ههنا (¬3) إن شاء الله تعالى على وجهها؛ فإن تغييرها مع استقامتها تكلف. فأقول أولاً: إنه يتردد على ألسنة الفقهاء أن الأصل والظاهر إذا تعارضا في مسألةٍ كان فيها خلاف (¬4)، وممن أطلق ذلك من (¬5) المذكورين القاضي أبو سعيد الهروي (¬6) مصنف كتاب "الإشراف على غوامض الحكومات" فإنه قال فيه (¬7): "كل مسألة تقابل فيها أصلان، أو أصل وظاهر، ففيها قولان". وهذا الإطلاق غير مرضي، والتحقيق الأصولي قاضٍ في ذلك بالتفصيل، فأقول (¬8): إذا تعارضا فالواجب
¬__________
(¬1) انظر: التنقيح ل 34/ ب.
(¬2) في (أ): أعتمد.
(¬3) في (أ): هنا.
(¬4) انظر: التعلقة للقاضي حسين 1/ 237، فتح العزيز 1/ 276، ونقله النووي عن صاحب التتمة انظر المجموع 1/ 206.
(¬5) في (أ): في.
(¬6) القاضي محمَّد بن أحمد بن يوسف الهروي، وقال السبكي: أبو سعيد بن أحمد بن أبي يوسف الهروي، أخذ عن أبي عاصم العبادي وشرح تصنيفه في أدب القضاء، وهو شرح مشهور سماه الإشراف على غوامض الحكومات، توفي سنة 518 هـ انظر ترجمته في: طبقات السبكي 5/ 513، طبقات الأسنوي 2/ 519، طبقات ابن قاضي شهبة 1/ 291, ذيل طبقات ابن الصلاح 2/ 842.
(¬7) انظر النقل عنه في: المجموع 1/ 206.
(¬8) نقل هذا التفصيل النووي واستصوبه في المجموع 1/ 206، والسيوطي في الأشباه والنظائر ص: 64.