الغمر (¬1)، وتغسل أبدانها، وتكرع (¬2) في الماء الكثير كثيرًا، فغلَّبْنا أصل الطهارة في لعابها وعرقها، ولم يزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأصحابه، والمسلمون بعدهم، يركبون الخيل (¬3) والبغال والحمير في الجهاد، والحج، وسائر الأسفار، ولا يكاد ينفك الراكب في مثل ذلك عن أن يصيب ثوبه شيء من عرقها أو (¬4) لعابها، ثم كانوا يصلون في ثيابهم التي ركبوا فيها وما كانوا يُعِدُّون ثوبين: ثوبًا للركوب، وثوبًا للصلاة، والله أعلم.
فصل:- ينتفع به إن شاء الله تعالى في الميز بين موقع الوسواس المذموم، وموقع الاحتياط المحمود، في باب الطهارة والنجاسة - وفيه مسائل:
الأولى: ذكر صاحب "نهاية المطلب في دراية المذهب" (¬5) أن ما يتردد في طهارته ونجاسته مما الأصل طهارته ثلاثة أقسام: أحدها: ما يغلب على الظنَّ طهارته: فالوجه الأخذ بطهارته، ولو أراد الإنسان أن يطلب يقين الطهارة فلا حرج عليه، بشرط أن لا ينتهي إلى الوساوس (¬6) التي تنكِّد (¬7) عيشه، وتكدر عليه وظائف العبادات، فإنَّ المنتهي إلى ذلك خارج عن مسالك السلف
¬__________
(¬1) أي الكثير. انظر: مختار الصحاح ص: 480، القاموس المحيط 2/ 185.
(¬2) كرع في الماء كرعًا وكروعًا: شرب بفيه من موضعه، من غير أن يشرب بكفه، ولا بإناء، وذلك كما تشرب البهائم؛ لأنها تدخل في أكراعها. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر 4/ 164، مختار الصحاح ص: 567، القاموس المحيط 3/ 102.
(¬3) في (ب): الخيال.
(¬4) في (أ) و.
(¬5) انظر: 1/ ل 17/ ب.
(¬6) في (أ): الوسواس.
(¬7) في (أ): ينكد.