كتاب شرح مشكل الوسيط (اسم الجزء: 1)

قوله: "نعم في المشمَّس كراهيَّة من جهة الطبَّ" (¬1) هذه الكراهيَّة إذا أثبتناها على المشهور عند الأصحاب (¬2)، فهل هي كراهيَّة شرعيَّة أو كراهيَّة إرشاديَّة؟ فيه وجهان:- والفرق في فنَّ أصول الفقه (¬3) بينهما: أن الكراهيَّة الشرعيَّة يتعلق فيها الثواب بالترك. وكراهيَّة الإرشاد لا يتعلق بها ثواب على الترك، وفائدتها دنيويَّة لا دينيَّة، وهي مثل كراهيَّة النبي - صلى الله عليه وسلم - أكل التمر لصهيب وهو أرمد (¬4). أحدهما: أنها كراهيَّة إرشاديَّة من جهة الطبَّ، وهذا هو طريقة صاحب هذا (¬5) الكتاب، وأفصح عنه في التدريس (¬6) وهو ظاهر كلام الشافعي (¬7). والأظهر والوجه الثاني: أنها كراهيَّة شرعيَّة، وهذا طريقة صاحب "الحاوي" (¬8)، وصاحب "المهذب" (¬9)،
¬__________
(¬1) الوسيط (1/ 305). وقبله: القسم الثاني: ما تغير عن وصف خلقته ولكن تغيرًا يسيرًا لا يزايله اسم الماء المطلق فهو طهور ... وكذلك الماء المسخَّن والمشمس، نعم في المشمس .. .الخ.
(¬2) انظر: التعليقة للقاضي حسين (1/ 198)، الإبانة (ل 1/ أ)، نهاية المطلب (1/ ل 6/ أ).
(¬3) انظر مثلاً: البحر المحيط للزركشي (1/ 298).
(¬4) رواه ابن ماجه في كتاب الطبَّ من سننه، باب الحمية (2/ 1139) رقم (3443) بلفظ: عن صهيب قال: قدمت على النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين يديه خبز وتمر، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (اُدنُ فكل). فأخذت كل من التمر، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (تأكل تمرًا وبك رمد؟) قال فقلت: إني أمضغ من ناحية أخرى، فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال البوصيري في الزوائد: "إسناده صحيح ورجاله ثقات" وأخرجه ابن سعد في الطبقات (3/ 228) بنحوه.
(¬5) سقط من (ب).
(¬6) في (ب): الدرس. قلت: صرح بهذا في الوسيط حيث قال: نعم في المشمَّس كراهيَّة من جهة الطب.
(¬7) حيث قال: "ولا أكره من المشمس إلا أن يكره من جهة الطب" الأم (1/ 3).
(¬8) انظر الحاوي (1/ 43).
(¬9) انظر المهذب (1/ 4).

الصفحة 33