كتاب شرح مشكل الوسيط (اسم الجزء: 1)

الخمر فنهاه أو كره أن يصنعها، فقال: إنما أصنعها للدواء فقال: إنه ليس بدواء ولكنه داء) أخرجه مسلم في "صحيحه" (¬1)، ومعنى الحديث الذي ذكره: أن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم التداوي به أو ما يشبه (¬2) هذا من المعنى، وفي ذلك إعلام بأن الخمر المسئول عنها يحرم التداوي بها، ولا يشمل (¬3) ذلك التداوي بسائر النجاسات؛ فإنها غير محرمة في حالة التداوي بدلالة ما سبق من قصة العرنيين (¬4)، والله أعلم.
"غصَّ بلقمة" (¬5) هو بفتح الغين لا بضمها (¬6)، والله أعلم.
¬__________
(¬1) انظر: صحيح مسلم - مع النووي - كتاب الأشربة، باب تحريم التداوي بالخمر وبيان أنها ليست بدواء (13/ 152).
(¬2) في (أ): يشبهه.
(¬3) في (د) و (ب): يشتمل، والمثبت من (أ).
(¬4) حديث العرنيين دليل على عدم نجاسة بول ما يؤكل لحمه وروثه، وقول الغزالي وتبعه فيه ابن الصلاح: إنها أبيحت للتداوي وللضرورة، لا يصح؛ إذ لو كان كذلك لأمرهم بغسل أثره إذا أرادوا الصلاة، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي في مرابض الغنم كما في الصحيحين، ومرابض الغنم لا تخلوا من روثها وأبوالها. والله أعلم. انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الصلاة، باب الصلاة في مرابض الغنم (1/ 627) رقم (429)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ابتناء مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - (5/ 8)، المغني لابن قدامة (2/ 492).
(¬5) الوسيط (1/ 318). حيث قال الغزالي: "ونصَّ الشافعي - رضي الله عنه - على أن من غص بلقمة له أن يسيغها بخمر إن لم يجد غيرها".
(¬6) انظر: تهذيب الأسماء واللغات (3/ 1/ 60)، والغصة: الشجى. انظر: مختار الصحاح (ص 475).

الصفحة 58