كتاب شرح مشكل الوسيط (اسم الجزء: 1)

من أحسن ما يوجه به القول بطهارة فأرة المسك (¬1) - على تقدير أنها جزء بان من حيًّ -: ما عَلِقَ بحفظي من مدة متقادمة عن القفال الكبير أبي بكر الشاشي - رحمه الله - وهو أنها تندبغ بما فيها من المسك فتطهر طهارة المدبوغات، وهذا فيه عمل بدليلي نجاستها وطهارتها (¬2)، وقد أنكر بعضهم كونها بائنة من حيًّ (¬3)، وسنذكر ذلك في الموضع الذي تكرر ذكرها فيه من كتاب البيع إن شاء الله تبارك وتعالى (¬4).
قوله بعد حكاية الخلاف فيما لا يدركه الطرف "ولعل الصحيح أن ما انتهت قلته إلى حدًّ لا يدركه الطرف مع مخالفة لونه للون ما اتصل به فهو معفو عنه، وأن كان بحيث يدركه الطرف على تقدير اختلاف اللون فلا يعفى عنه" (¬5) هذا كلام موهم مُعْتَرَضٌ عليه فيه؛ لأنه يوهم أن ما سبق من الخلاف ليس فيما لا يدركه الطرف لقلته مع مخالفة اللون، بل في مطلق ما لا
¬__________
(¬1) قال الغزالي: "المسك طاهر، وفي فأرته وجهان: أصحهما الطهارة". أهـ الوسيط (1/ 321). وفأرة المسك: نافجته أي وعاء المسك، يعني الجلدة التي يتجمع فيها، قال صاحب القاموس: "الصواب إيراد فأرة المسك في (ف ور) لفوران رائحتها، أو يجوز همزها؛ لأنها على هيئة الفأرة". أهـ القاموس المحيط (1/ 287، 2/ 188)، مختار الصحاح (ص 488).
(¬2) دليل نجاستها أنها جزء انفصل من حيًّ ودليل طهارتها أنها تنفصل بالطبع كالجنين، ولأن المسك فيها طاهر ولو كانت نجسة لكان المظروف نجسًا. والوجهان فيما لو انفصلت في الحياة، أما لو انفصلت منها بعد موتها فهي نجسة. انظر: الإبانة ل/3 ب، البسيط للغزالي 1/ ل 9/ أ، فتح العزيز 1/ 193.
(¬3) انظر: المطلب العالي 1/ ل 60/ ب.
(¬4) راجع شرح مشكل الوسيط 2/ ل 51/ ب.
(¬5) الوسيط 1/ 323.

الصفحة 62