كتاب شرح مشكل الوسيط (اسم الجزء: 1)

ونصر صاحب الكتاب في "الإحياء" (¬1) مذهب مالك: أن الماء لا ينجس إلا بالتغيُّر (¬2)، واحتج بأشياء عنها أجوبة صحيحة. وقد قيل: إن ذلك قول قديم للشافعي (¬3) ولا يثبت ذلك، والله أعلم.
قوله: "ولو زال بوقوع الزعفران والمسك فلا؛ لأنه استتار، لا زوال" (¬4) لا تناقض بين قوله أولاً "زال" وبين قوله آخرًا "لا زوال"؛ لأن المراد الأول: كونه صار بحيث لا يشمُّ رائحته، ولا يدرك (¬5) مع بقاء التغيُّر في نفسه حقيقة.
قوله: "ولو زال بوقوع التراب فقولان منشؤهما التردد في أنه ساتر أو مزيل" (¬6) كنت قد (¬7) حققت صورة هذه المسألة فيما أمليته من "شرح مشكل المهذب" وقلت: هذا تحقيق لو عرض على الأئمة لقبلوه - إن شاء الله تعالى - فذكرت أنه لا بد في تصويرها من شرطين: أن يكون تغير الماء بالرائحة، وأن
¬__________
(¬1) انظر: (1/ 119).
(¬2) وهي رواية المدنيين عن مالك انظر: التمهيد (1/ 327)، الكافي لابن عبدي البر (1/ 128)، التلقين للقاضي عبد الوهاب (ص 55)، قوانين الأحكام الشرعية لابن جزي (ص 32)، عقد الجواهر الثمينة لابن شاس (1/ 8)، حاشية الدسوقي (1/ 65).
(¬3) قال ابن الرفعة: "قال بعض الشارحين: إنه قول قديم للشافعي، ولم أره منقولاً، وابن الصلاح قال: إنه لا يثبت ذلك". أهـ المطلب العالي (1/ ل 62/ ب).
(¬4) الوسيط (1/ 324). وقبله: فإذا بلغ - أي الماء - قلتين فينجس إذا تغير بالنجاسة وإن كان تغيرًا يسيرًا، ثم يعود طاهرًا مهما زال التغير بهبوب الريح أو طول المكث. ولو زال بوقوع زعفران ... الخ
(¬5) في (أ): تدرك.
(¬6) الوسيط الموضع السابق.
(¬7) سقط من (ب).

الصفحة 65