إنه احتيج (¬1) إلى التقدير بغيرها لفنائها، أو غير ذلك، فقدَّرت بقرب الحجاز، وهي كبار معروفة عندهم، فذكر ابن جريج (¬2) - وهو أحد أكابر المتقدمين من علماء الحجاز - أن القلة منها تسع قربتين أو قربتين وشيئا (¬3)، فاحتاط الشافعي - رضي الله عنه - وعنهم - وقدر القلتين بخمس قرب منها، وجعل الشيء فيه نصفًا؛ ليستوعب جميع ما يحتمله لفظ الشيء في مثله (¬4)، ثم احتاج من تباعد من الحجاز إلى تقدير تلك القرب بالأرطال، فاتفق أصحاب الشافعي، وأصحاب أحمد على تقدير كل قربة منها بمائة رطل بالرطل العراقي (¬5)، وفي
¬__________
(¬1) في (أ): ثم إنه إن احتيج.
(¬2) هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج أبو الوليد القرشي الأموي مولاهم المكي، ويقال: أبو خالد، وهو من كبار تابعي التابعين، وأول من دون العلم بمكة، قال عنه الحافظ ابن حجر ثقة، فقيه، فاضل، كان يدلس ويرسل، روى حديثه الجماعة. توفي سنة 150 وقيل: 151 هـ. انظر ترجمته في: الثقات لابن حبَّان (7/ 93)، الجرح والتعديل (5/ 356)، تهذيب الكمال (18/ 338)، تقريب التهذيب (ص 362).
(¬3) انظر: الأم (1/ 43)، مختصر المزني (ص 11)، السنن الكبرى كتاب الطهارة (1/ 398) رقم (1250).
(¬4) انظر: الحاوي (1/ 334)، التعليقة للقاضي حسين (1/ 484)، التهذيب (ص 30).
(¬5) انظر: الحاوي (1/ 335)، حلية العلماء (1/ 81)، المجموع (1/ 120)، المغني لابن قدامة (1/ 37)، قال ابن قدامة: "واتفق القائلون بتحديد الماء بالقرب على تقدير كل قربة بمائة رطل بالعراقي، لا أعلم بينهم في ذلك خلافًا". أهـ
والرطل: بكسر الراء وفتحها لغتان والكسر أفصح. واختلف في مقدار رطل بغداد: فقيل: (128 درهمًا وأربعة أسباع الدرهم)، وقيل: (128 درهمًا فقط)، وقيل: (130 درهمًا). فيكون الرطل بالجرام الحالي على القول الأول: (695، 407)، وعلى القول الثاني: (88، 405)، وعلى القول الأخير: (23، 412). انظر تهذيب الأسماء واللغات (3/ 1/ 123)، المجموع (1/ 122)، تحرير ألفاظ التنبيه (ص 110). معجم لغة الفقهاء (ص 413)، تحقيق اللباب للدكتور عبد الكريم العمري (ص 56).