المحل غير متغيرة (¬1)، وإنما الخلاف بعد انفصالها (¬2)، وفي "نهاية المطلب" (¬3) هذا البناء محكي عن الشيخ أبي علي السنجي موجهًا: بأنَّا إذا حكمنا بنجاسة الغسالة بعد الانفصال فهي نجسة ما دامت على المحل، فإن عصرت فالبلل الباقي بعد العصر المعتاد طاهرٌ. قلت: وهذا بعيد يأباه النقل والدليل؛ فإن الغسالة قبل انفصالها طاهرة وفاقًا، مقطوع بذلك في طريقتي العراق وخراسان (¬4)، وفي "الحاوي" (¬5) نقل الوفاق فيه، وفي "التهذيب" (¬6) وغيره (¬7) القطع به، وقد وجدته منصوصًا عليه للشافعي في كتابه "كتاب اختلاف
¬__________
(¬1) انظر: الحاوي (1/ 302)، التهذيب (ص 96).
(¬2) أي انفصال الغسالة عن المحل وهي غير متغيرة ففيها ثلاثة أوجه، وقيل: أقوال، انظر (ص 217)، وانظر المراجع السابقة، وكذا المجموع (1/ 159)، التنقيح (ل 29/ أ).
(¬3) انظر: (1/ ل 103/ ب).
(¬4) الطرق: هي اختلاف الأصحاب في حكاية المذهب؛ فيقول بعضهم مثلاً: في المسألة قولان أو وجهان، ويقول الآخر: لا يجوز وجهًا واحدًا أو قولاً واحدًا، وهكذا، وقد اشتهر في نقل المذهب الشافعي طريقتان: طريقة العراقيين، وطريقة الخراسانيين، فالعراقيون هم فقهاء الشافعية الذين سكنوا بغداد وما حولها. والخراسانيون: هم الذين سكنوا مدن خراسان. قال النووي: واعلم أن نقل أصحابنا العراقيين لنصوص الشافعي، وقواعد مذهبه، ووجوه متقدمي أصحابنا أتقن وأثبت من نقل الخراسانيين غالبًا، والخراسانيون أحسن تصرفًا، وبحثًا، وتفريعًا، وترتيبًا غالبًا. المجموع (1/ 65، 69)، طبقات السبكي (1/ 324 - 326).
(¬5) انظر: (1/ 302).
(¬6) انظر: (ص 96).
(¬7) كالإبانة (ل 4/ ب)، وراجع: التنقيح (ل 29/ أ)، المطلب العالي (1/ ل 87/ أ).