قوله: "وأما التعفير فاختلفوا في معناه: فمنهم من قال: هو تعبد لا يعلل" (¬1) لقائل أن يقول: "التعبد ليس بمعنىً فكيف يدخل في الاختلاف في المعنى؟ وجوابه: أن الاختلاف في المعنى قد يكون في أصله، وقد يكون في تفصيله، فالقائل بالتعبد مخالف في أصله بنفيه له، والقائلان الآخران اختلافهما في تفصيله، والله أعلم.
قوله في الصابون: "وعلى قول التعبد اختلفوا عند عدم التراب، فمنهم من جوَّز؛ لأن الاستظهار أيضًا مقصود" (¬2) لقائل أن يقول: هذا مناقض لكونه تعبدًا؟ وجوابه (¬3) أن التعبد يتحقق بأن لا يدرك العلة، وإذا لم يدرك بعضها فلم يدركها؛ لأن الشيء ينتفي بانتفاء بعض أجزائه؛ لأن حقيقته لا تتحقق إلا بمجموعها والله أعلم.
قوله: "إذا مزج التراب بالخلَّ" (¬4) صورته: ما إذا غسله سبعًا بالماء وحده، ثم أوصل التراب مرة ثامنة إلى المحل بالخلِّ (¬5)، أما إذا مزج التراب بالخلِّ (¬6) ثم
¬__________
(¬1) الوسيط الموضع السابق. والمعنيان الآخران هما: الأول: معلل بالاستطهار بغير الماء ليكون فيه مزيد كلفة وتغليظ. والثاني: معلل بالجمع بين نوعي الطهور. وهذا الذي صححه النووي في التنقيح ل32/ ب. وتجدر الإشارة إلى أنه ثبت بالطب الحديث أن في لعاب الكلب جراثيم لا يزيلها ولا يقتلها إلا التراب، وهذا يفيد أن الأمر فيه تعبدي والله أعلم.
(¬2) الوسيط 1/ 340.
(¬3) وجوابه: مكررة في (ب).
(¬4) الوسيط الموضع السابق. وبعده: فهو جائز عند من يعلل بالاستطهار، أو بالجمع بين نوعي الطهور، وهو ممتنع عند من يميل إلى التعبد.
(¬5) سقط من (أ).
(¬6) سقط من (أ).