كتاب سلم الوصول إلى طبقات الفحول (اسم الجزء: مقدمة)

الطلاب في موضوعات مختلفة، لكنه مرض، فكان يقرأ كتب الطب، وطالع أيضًا كتب الأسماء والخواص بقصد البحث عن سبل ووسائل للتداوي من ناحية، والتنقيب عن الشفاء بالطرق الروحانية من ناحية أخرى.
وكان ينعزل عن الناس، ويتقرب إلى الله ثقة منه أن دعواته إليه بقلب سليم والتعويذات التي صنعها سوف تأتي بالنتيجة (¬22). وفي أثناء عام 1057 هـ (1647 م) قام بتدريس شرح الأشكال في الهندسة والمحمدية لعلي قوشجي في الحساب لكل من مولانا محمد بن أحمد الرومي ولولده هو نفسه، كما علمهما من الزيج قاعدة استخراج دستور التقويم.
وفي أواخر عام 1058 ص (1648 م) حصل على وظيفة "الخليفة الثاني" في القلم الذي كان يعمل فيه، وذلك بتوصية من شيخ الإسلام عبد الرحيم أفندي إلى الصدر الأعظم قوجه محمد باشا بسبب كتاب تقويم التواريخ، وذلك رغم ما بذله المعارضون له من مساعٍ لرفض طلبه وجهود مادية ومعنوية للحيلولة دون ذلك (¬23). وكان عبد الرحيم أفندي هذا صديقًا ودودًا له، مطلعًا على سرّه، يحادثه في شئون الدولة، ويستعين بمشورته في موضوعات شتى (¬24). والشاهد على ذلك أنه أفتى بأن كتاب ميزان الحق كتاب مفيد. وقنع كاتب جلبي بما كان يتقاضاه من نقود تكفيه على معيشته، ولم يطلب المزيد. وقد ظهر عدد كبير من مؤلفاته في غضون تلك السنوات الأخيرة، كما استطاع بمساعدة الشيخ محمد إخلاصي (¬25) أن ينقل إلى التركية بعض الكتب اللاتينية.
وفي يوم الجمعة السابع والعشرين من ذي الحجة عام 1067 هـ (6 أكتوبر 1657 م) شعر كاتب جلبي بضيق وهو يشرب قهوة الصباح، فسقط الفنجان من يده ومات فجأة (¬26). وكان قد كشف عن ذلك من قبلها لزوجته وخادمه، فقال لهما بعد أن سيطر عليه الخوف عندما أكل بطيخًا فجًّا في تلك الليلة، ثم اغتسل في الصباح بماء بارد: "ماذا يا ترى، فقد فعلنا أشياء تُنَاقِضُ بعضها بعضًا، حفظنا الله تعالى من الضر" (¬27). وتكررت نفس الأقوال سببًا للوفاة في نسخة من كتاب ميزان الحق جرى استنساخها عام 1138 هـ (¬28)، ولكن يضاف إلى الحادثة
¬__________
(¬22) انظر: كشف الظنون، علم الخواص، 1/ 725 وما بعدها، وعلم العزائم، 2/ 1137.
(¬23) انظر: تقويم التواريخ، نشر إبراهيم متفرقة، 247 وميزان الحق في اختيار الأحق، 140.
(¬24) انظر: مثلًا فذلكه، 2/ 293 وتحفة الكبار، 125.
(¬25) وهو الراهب الفرنسي الذي اهتدى إلى الإسلام.
(¬26) انظر: تقويم التواريخ، أحداث 1067 هـ، ص 136.
(¬27) انظر: جهاننما، طوب قابي، روان، رقم 1624، 1 / أ.
(¬28) انظر: مكتبة الفاتح، رقم 5335، 44/ أ.

الصفحة 17