كتاب الطبقات السنية في تراجم الحنفية - ت الحلو (اسم الجزء: 1)
19 و قال الحافظ جلال الدين السّيوطىّ فى كتابه «نظم العقيان، فى أعيان الأعيان 1»، بعد نقله كلام الصّفدىّ هذا، قلت: قد تعرضّ للمسألة من المتقدّمين ابن درستويه، فى الكتاب «المتمم»، فقال: الشهور كلها مذكّرة إلاّ جمادى، و ليس شاء منها يضاف إليه شهر إلاّ شهرا ربيع، و شهر رمضان، قال اللّه تعالى 2: (شَهْرُ رَمَضاانَ اَلَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ اَلْقُرْآنُ).
و قال الرّاعى 3:
شهرى ربيع ما تذوق لبونهم
إلاّ حموضا و خمة و دويلا 4
فما كان من أسمائها اسما للشهر، أو صفة قامت مقام الاسم، فهو الذى لم يجز أن يضاف الشهر إليه، و لا يذكر معه، كالمحرّم، إنما معناه الشهر المحرّم؛ و هو من الأشهر الحرم، و كصفر، و هو اسم معرفة كزيد، من قولهم: صفر الإناء يصفر صفرا، إذا خلا، و جمادى، و هى معرفة، و ليست بصفة، و هى من جمود الماء، و رجب و هو معرّف، مثل صفر، و هو من قولهم: رجبت الشاء. أى عظّمته؛ لأنه أيضا من الأشهر الحرم، و شعبان؛ و هو صفة بمنزلة عطشان، من التشعّب و التفرّق، و شوال، و هو صفة جرت مجرى الاسم، و صارت معرفة، و فيها تشول الإبل، و ذى القعدة، و هى صفة قامت مقام الشهر و القعود عن التصرف، كقولك، هذا الرجل ذو الجلسة، فإذا حذفت الرجل قلت: ذو الجلسة، و ذى الحجّة مثله، مأخوذ من الحجّ.
و أما الربيعان، و رمضان، فليست بأسماء للشهر، و لا صفات له، فلا بدّ من إضافة شهر إليها، كقولك شهر ربيع، و شهر رمضان، و يدلّك على ذلك أن رمضان فعلان من الرّمضاء،
1) نظم العقيان 11، 12.
2) سورة البقرة 185.
3) البيت فى جمهرة أشعار العرب 347 من ملحمته، و اللسان (دول) 11/ 254، و انظر شعر الراعى 141.
4) الحموض: جمع حمض، و وخمة: ذات وخم، و الدويل: اليابس من النبات و غيره، و هو أيضا: الكلأ الذى أتت عليه سنتان. و رواية الجمهرة «وخمة و ذبيلا»، و الذبيل: اليابس أيضا.