كتاب الطبقات السنية في تراجم الحنفية - ت الحلو (اسم الجزء: 1)

273 و روى [سبط] 1 ابن الجوزىّ فى «مرآة الزمان» بسنده عن أبى الحسن على بن محمّد ابن أبى جعفر بن البهلول، قال: طلبت السّيدة أمّ المقتدر من جدّى كتاب وقف بضيعة كانت ابتاعتها، و كان الكتاب فى ديوان القضاء، و أرادت أخذه لتحرقه، و تتملّك الوقف، و لم يعلم أحد بذلك، فحمله إلى الدار، و قال للقهرمانة: قد أحضرت الكتاب، فأين ترسم؟
فقالوا: نريد أن يكون عندنا.
فأحسّ بالأمر، فقال لأمّ موسى القهرمانة: تقولين لأمّ المقتدر السّيّدة، اتّقى اللّه، هذا و اللّه ما لا سبيل إليه أبدا، أنا خازن المسلمين على ديوان الحكم؛ فإن مكّنتمونى من خزنه كما يجب، و إلا فاصرفونى، و تسلّموا الدّيوان دفعة واحدة، فاعملوا فيه ما شئتم، و أمّا أن يفعل شاء من هذا على يدى فواللّه لا كان ذلك أبدا، و لو عرضت على السّيف.
و نهض و الكتاب معه، و جاء إلى طيّارة، و هو لا يشك فى الصرف، فصعد إلى ابن الفرات، و حدّثه بالحديث، فقال: ألا دافعت عن الجواب، و عرّفتنى حتى أكتب، و أملى فى ذلك، و الآن، أنت مصروف، فلا حيلة لى مع السّيّدة فى أمرك.
قال: و أدّت القهرمانة الرسالة إلى السّيّدة، فشكت إلى المقتدر، فلما كان يوم الموكب خاطبه المقتدر شفاها فى ذلك، فكشف له الصّورة، و قال له مثل ذلك القول و الإستعفاء.
فقال له المقتدر: مثلك يا أحمد من قلّد القضاء، أقم على ما أنت عليه، بارك اللّه فيك، و لا تخف أن ينثلم محلّك عندنا.
قال: فلما عاودت السّيّدة، قال لها المقتدر: الأحكام ما لا طريق إلى اللّعب بها، و ابن البهلول مأمون علينا، محبّ لدولتنا، و لو كان هذا شيئا يجوز لما منعك 2 إيّاه.
فقالت السّيّدة: كأنّ هذا لا يجوز!.
فقيل لها: لا، هذه حيلة من أرباب الوقف على بيعه. و أعلمها كاتبها ابن عبد الحميد شرح الأمر، و أن الشراء لا يصحّ بتمزيق الكتاب، و أن هذا لا يحلّ، فارتجعت المال و فسخت

1) تكملة يصح بها السياق.
2) فى ص: «منعتك»، و المثبت فى: ط، ن.

الصفحة 273