كتاب الطبقات السنية في تراجم الحنفية - ت الحلو (اسم الجزء: 1)

291 و وفور الأدب، غير أنه أعلن بمذهب الجهميّة، و حمل الخليفة على امتحان العلماء بخلق القرآن.
و قال الدّارقطنىّ: هو الذى كان يمتحن العلماء فى زمانه، و ولى قضاء القضاة للمعتصم، و الواثق، و كان هو الذى يولّى قضاة البلاد كلها من تحت يده، و استمرّ فى أيّام دولة المتوكّل، ثمّ صرف، و صودر.
و قال أبو العيناء: كان أحمد بن أبى داود شاعرا مجيدا، فصيحا، بليغا، ما رأيت رئيسا أفصح منه، و كان فى غاية التّأدّب، ما خرجت من عنده يوما فقال: يا غلام، خذ بيده. بل كان يقول: اخرج معه. فكنت أفتقد هذا الكلام فما أخلّ به قطّ، و ما كنت أسمعها من غيره.
و قال النّديم فى «الفهرست»: كان من كبار المعتزلة، تجرّد فى إظهار المذهب، و ذبّ عن أهله، و بالغ فى العناية به، و كان من صنائع يحيى بن أكثم، و هو الذى أوصله إلى المأمون، ثم اتّصل بالمعتصم فغلب عليه، و لم يكن يقطع أمرا دونه، و لم ير فى أبناء جنسه أكرم منه.
و قال الصّولىّ: كان يقال أكرم من فى دولة بنى العباس البرامكة، ثم أحمد بن أبى دواد، لو لا ما وضع به نفسه من محبّة 1 المحنة بخلق القرآن، و المبالغة فى ذلك، و اللّجاج فيه، و حمل الخلفاء عليه، و لو لا ذلك لأجمعت الألسن على الثّناء عليه، و لم يضف إلى كرمه كرم أحد.
و يقال: إنّه لم يكن له أخ من إخوانه إلا بنى له دارا، و وقف على ولده ما يغنيهم أبدا، و لم يكن لأخ من إخوانه ولد إلاّ من جارية وهبها له.
و ممّا يحّكى من/كرمه، أنه انقطع شسعه، فناوله رجل شسعا، فوهب له خمسمائة دينار.
و يروى أنّ الواثق أمر بعشرة آلاف درهم، لعشرة من بنى هاشم، على يد ابن أبى دواد، فدفعها إليهم، فكلّمه نظراؤهم من بنى هاشم أيضا، ففرّق فيهم عشرة آلاف درهم مثل

1) فى ط، ن: «محنة»، و المثبت فى: ص.

الصفحة 291