كتاب الطبقات السنية في تراجم الحنفية - ت الحلو (اسم الجزء: 1)

293

1

و روى الخطيب أن 1 عون بن محمد الكندىّ، قال: لعهدى بالكرخ ببغداد، و أن رجلا لو قال: ابن أبى دواد مسلم. لقتل فى مكانه، ثم وقع الحريق بالكرخ، و هو الذى ما كان مثله قطّ، كان الرجل يقوم فى صينيّة شارع الكرخ فيرى السّفن فى دجلة، فكلّم ابن أبى دواد المعتصم فى الناس، قال: يا أمير المؤمنين، رعيّتك فى بلدك، و بلد آبائك، نزل بهم هذا الأمر، فاعطف عليهم بشاء يفرّق فيهم؛ يمسك أرماقهم، و يبنون ما انهدم عليهم، و يصلحون أحوالهم.
فلم يزل ينازله حتى أطلق له خمسة آلاف ألف درهم، فقال: يا أمير المؤمنين إن فرّقها عليهم غيرى خفت أن لا يقسمها بالسّويّة، فأذن لى فى تولّى أمرها، ليكون الأجر أوفر و الثناء أكثر.
قال: ذلك إليك.
فقسّمها على مقادير الناس و ما ذهب منهم نهاية ما يقدر عليه من الاحتياط، و احتاج إلى زيادة فازدادها من المعتصم، و غرم من ماله فى ذلك غرما كثيرا، فكانت هذه من فضائله التى لم يكن لأحد مثلها.
قال عون: فلعهدى بالكرخ بعد ذلك، و أنّ إنسانا لو قال: زرّ ابن أبى دواد وسخ. لقتل مكانه.
و حدّث حريز بن أحمد بن أبى دواد، قال: حدثّنى علىّ بن الحسين الإسكافىّ، قال:
اعتلّ أبوك، فعاده المعتصم، و كان معه بغا، و كنت معه/؛ لأنى كنت أكتب لبغا، فقام، فتلقّاه، و قال له: قد شفانى اللّه بالنّظر إلى أمير المؤمنين.
فدعا له بالعافية، فقال له: قد تمّم اللّه شفائى، و محق دائى بدعاء أمير المؤمنين.
فقال له المعتصم: إنّى نذرت إن عافاك اللّه أن أتصدّق بعشرة آلاف دينار.
فقال له: يا أمير المؤمنين، فاجعلها لأهل الحرمين، فقد لقوا من غلاء الأسعار عنتا.
فقال: نويت أن أتصدق بها ههنا، و أنا أطلق لأهل الحرمين مثلها.

1 - 1) فى ص: «و عن»، و المثبت فى: ط، ن.

الصفحة 293