كتاب الطبقات السنية في تراجم الحنفية - ت الحلو (اسم الجزء: 1)

295 فاستمهل ريثما يتمّ مكتوبه، فأمر الصّاحب بأخذ الدّرج من يده.
فقام، و قال: أيّد اللّه مولانا:

اسمعه ممّن قاله تزدد به
عجبا فحسن الورد فى أغصانه 1

فقال: هات يا أبا القاسم.
فأنشده أبياتا، منها:

سواك يعدّ الغنى ما اقتنى
و يأمره الحرص أن يخزنا 2

و أنت ابن عبّاد المرتجى
تعدّ نوالك نيل المنى

و خيرك من باسط كفّه
و ممّن تناءى قريب الجنى 3

غمرت الورى بصنوف النّدى
فأصغر ما ملكوه الغنى

و غادرت أشعرهم مفحما
و أشكرهم عاجزا ألكنا

أيا من عطاياه تهدى الغنى
إلى راحتى من نأى أو دنا

كسوت المقيمين و الزّائرين
كسى لم يخل مثلها ممكنا

و حاشية الدّار يمشون فى
ضروب من الخزّ إلاّ أنا

و لست أذكّر بى جاريا
على العهد يحسن أن يحسنا 4

فقال له الصّاحب: قرأت فى أخبار معن بن زائدة، أن رجلا قال له/: احملنى أيّها الأمير. فأمر له بناقة، و فرس، و بغل، و حمار، و جارية، ثم قال له: لو علمت مركوبا غيرها لحملتك عليه. و قد أمرنا لك من الخزّ بجبّة، و درّاعة، و قميص، و سراويل، و عمامة، و منديل و مطرف، و رداء، و جورب، و لو علمنا لباسا آخر يتّخذ من الخزّ أعطيناكه.
و قد بلغ حديث معن المذكور للمعلّى بن أيّوب، فقال: رحم اللّه ابن زائدة، لو كان يعلم أن الغلام يركب لأمر له به، و لكنه كان عربيّا خالصا.

1) البيت للبحترى، و هو فى ديوانه 4/ 2263، و روايته فيه: اسمعه من قوّاله تزدد به عجبا و طيب الورد فى أغصانه
2) فى ط، ن: «سواك بعد الغنى»، و المثبت فى: ص، و اليتيمة.
3) فى يتيمة الدهر: «و من ثناها».
4) فى ط، ن: «و لست أذكرنى جاريا»، و فى اليتيمة: «و لست أذكر لى جاريا»، و المثبت فى: ص.

الصفحة 295