كتاب الطبقات السنية في تراجم الحنفية - ت الحلو (اسم الجزء: 1)

296 قلت: و قد ذكرت أنا هذه القصّة لبعض موالى الدّيار الرّوميّة، فقال: لو كنت أنا مكان ابن زائدة ما أعطيته إلاّ الغلام فقط، إذ لا يركب غيره.
و عن محمد بن عبد الملك الزّيّات الوزير، قال: كان رجل من ولد 1 عمر بن الخطّاب، رضى اللّه عنه، لا يلقى أحمد بن أبى دواد إلاّ لعنه، و دعا عليه، سواء وجده منفردا، أو فى محفل، و أحمد لا يردّ عليه؛ فاتّفق أن عرضت للعمرىّ حاجة عند المعتصم، فسألنى أن أرفع قضيّته، فخشيت أن يعارض أحمد، فامتنعت، فألحّ علىّ، فأخذت قصّته، و دخلت إلى المعتصم، فلم أجد أحمد، فاغتنمت غيبته، و دفعت له قصّة الرّجل، فدخل أحمد و هى فى يده، فناولها له، فلما رأى اسمه، و فيه أنّه من ذرّيّة عمر بن الخطّاب، قال: يا أمير المؤمنين، عمر ابن الخطاب يا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، تقضى لولده كلّ حاجة.
فوقّع بقضاء حاجته، و أخذت القصّة، و دفعتها للرّجل، و قلت له: اشكر القاضى، فهو الذى اعتنى بك حتى قضيت حاجتك.
فجلس الرّجل حتى خرج أحمد، فقام إليه، فجعل يدعو له و يشكره، فالتفت إليه أحمد، و قال له: اذهب عافاك اللّه، فإنى إنّما فعلت ذلك لعمر، لالك.
*** و من أخباره الشّنيعة المتعلّقة بأمر المحنة بالقول بخلق القرآن، و بقيامه فى ذلك، على وجه الاختصار، ما حكاه ابن السّبكىّ فى «الطّبقات الكبرى» فى ترجمة الإمام أحمد بن حنبل، رحمه اللّه تعالى، قال 2: ذكر الدّاهية الدّهيا، و المصيبة العظمى، و هى محنة علماء الزمان، و دعاؤهم إلى القول بخلق القرآن، و قيام أحمد بن حنبل الشّيبانىّ، و ابن نصر الخزاعىّ، مقام الصّدّيقين، و ما اتّفق فى تلك الكاينة من أعاجيب تناقلتها الرّواة على ممرّ السّنين:
كان القاضى أحمد بن أبى دواد ممّن نشأ فى العلم، و تضلّع بعلم الكلام، و صحب فيه

1) فى ط، ن: «أولاد»، و المثبت فى: ص.
2) طبقات الشافعية الكبرى 2/ 37 - 61. و تصرف التميمى بعض التصرف فى عبارة ابن السبكى.

الصفحة 296