كتاب الطبقات السنية في تراجم الحنفية - ت الحلو (اسم الجزء: 1)

297 صباح 1 بن العلاء السّلمىّ، صاحب واصل بن عطاء، أحد رءوس المعتزلة، و كان ابن أبى دواد رجلا فصيحا؛ قال أبو العيناء: ما رأيت رئيسا قطّ أفصح و لا أنطق منه، و كان كريما ممدّحا، و فيه يقول بعضهم 2:

لقد أنست مساوى كلّ دهر
محاسن أحمد بن أبى دواد

و ما طوّفت فى الآفاق إلاّ
و من جدواك راحلتى و زادى 3

مقيم الظّنّ عندك و الأمانى
و إن قلقت ركابى فى البلاد 4

و كان معظّما عند المأمون أمير المؤمنين، يقبل شفاعته، و يصغى إلى كلامه، و أخباره فى هذا كثيرة، فدسّ ابن أبى دواد له القول بخلق القرآن، و حسّنه عنده، و صيّره/يعتقده حقّا مبينا، إلى أن أجمع رأيه فى سنة ثمان عشرة و مائتين، على الدّعاء إليه، فكتب إلى نائبه على بغداد، إسحاق بن إبراهيم الخزاعىّ، عمّ 5 طاهر بن الحسين، فى امتحان العلماء كتابا، يقول فيه كذا و كذا.
ثم ساق الكتاب، و جوابه، و أخبارا أخر تتعلّق بالإمام أحمد و غيره، أضربنا عنها خوف الإطالة، إذ المراد بيان أنّ السّبب فى هذه المحنة العظمى هو ابن أبى دواد، و ذكر يسير من أخباره المتعلّقة بها، و أمّا حصرها فلا سبيل إليه.
فعن أحمد بن المعدّل، أن ابن أبى دواد كتب إلى رجل من أهل المدينة: إن تابعت أمير المؤمنين فى مقالته استوجبت المكافأة الحسنة.
فكتب إليه: عصمنا اللّه و إيّاك من الفتنة، الكلام فى القرآن بدعة يشترك فيه السّائل و المجيب؛ لتعاطى السّائل ما ليس له، و تكلّف المجيب ما ليس عليه، و لا نعلم خالقا إلاّ اللّه، و ما سواه مخلوق، و القرآن كلام اللّه، لا نعلم غير ذلك، و السّلام.

1) فى طبقات الشافعية: «هياج».
2) القائل هو أبو تمام، و الأبيات فى ديوانه 79، و فى تاريخ بغداد 4/ 145.
3) فى الديوان: «و ما سافرت».
4) فى الأصول: «و إن قلت ركابى»، و فى طبقات الشافعية خطأ: «و إن قلقت»، و المثبت فى الديوان.
5) كذا فى الأصول، و فى طبقات الشافعية: «ابن عم»، و المعروف أن إسحاق هو ابن إبراهيم بن الحسين بن مصعب، و على هذا فطاهر عم إبراهيم، و ليس إبراهيم عم طاهر، و لا ابن عمه.

الصفحة 297