كتاب الطبقات السنية في تراجم الحنفية - ت الحلو (اسم الجزء: 1)

3
[مقدمة المؤلف]

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم /الحمد للّه الذي أرسل رسوله بالهدى و دين الحق ليظهره على الدّين كله و لو كره المشركون، و أيّده بأصحاب كالنجوم يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر و بهم أصحاب الضلالة يهتدون، و أتبعهم بعلماء كأنبياء بنى إسرائيل يعلّمون الناس من شريعة نبيّهم ما يجهلون، صلّى اللّه و سلّم عليه و على آله و صحبه، عدد ما كان، و ما يكون، صلاة و سلاما دائمين متلازمين إلى يوم يبعثون.
و بعد؛ فإنّ من أراد النجاة فى الدّارين، و السّعادة فى الحالين، و الاتّباع بالإحسان، و الإحسان باتّباع الأعيان، فعليه بسلوك طريقة من سلف من الأئمة المهتدين، و العلماء العاملين، و الفضلاء المحقّقين و المحقّقين الفاضلين، ممنّ لم يرد بالعلم مماراة و لا مباهاة، و لا مجادلة و لا مضاهاة، بل قصر ليله على العبادة، و نهاره على الإفادة، يقول الحقّ و يعمل به، و يفعل الخير و يرشد إليه، لا تأخذه فى اللّه لومة لائم، و لا يصدّه عن الحقّ رهبة ظالم.
و لا سبيل إلى هذا السّبيل إلا بعد معرفتهم، و الوقوف على جليّتهم، و الإحاطة بأوصاف أخيارهم، و الاطّلاع على جملة أخبارهم.
و لمّا 1 كان هذا أمرا يتعذّر، و عملا يتعسّر، بل لا يدخل تحت مقدور البشريّة، و لا يمكن إدراكه بالكليّة، و قد قيل: ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه، و واجب علينا أن نبدأ بالأهمّ، و الأولى فالأولى.
و كان 2 من أهمّ المهمّات أن يعرف الشخص أوّلا من جعله 3 وسيلة فى الهداية بينه

1) فى ط، ن: «و قد»، و المثبت فى: ص.
2) فى ط، ن: «فأقول»، و المثبت فى: ص.
3) فى ط، ن: «جعل»، و المثبت فى: ص.

الصفحة 3