كتاب الطبقات السنية في تراجم الحنفية - ت الحلو (اسم الجزء: 1)

303 و أمّا مسألة خلق القرآن فلم يرجع عنها، و كان قد ابتدأ بالكلام فيها، فى سنة اثنتى عشرة، و لكن لم يصمّم و يحمل الناس، إلاّ فى سنة ثمان عشرة، ثم عوجل و لم يمهل، بل توجّه غازيا إلى أرض الرّوم، فمرض، و مات، فى سنة ثمان عشرة و مائتين.
و استقلّ بالخلافة أخوه المعتصم محمّد بن هارون الرّشيد، بعهد منه، و كان ملكا شجاعا، بطلا مهيبا، و هو الذى فتح عمّوريّة 1، و قد كان المنجّمون قضوا بأنه يكسر، فانتصر نصرا مؤزّرا، و أنشد فيه أبو تمّام قصيدته السّائرة، التى أوّلها 2:

السّيف أصدق أنباء من الكتب
فى حدّه الحدّ بين الجدّ و الّلعب

و العلم فى شهب الأرماح لامعة
بين الخمسين لا فى السّبعة الشّهب 3

أين الرّواية أم أين النّجوم و ما
صاغوه من زخرف فيها و من كذب

تخرّصا و أحاديثا ملفّقة
ليست بنبع إذا عدّت و لا غرب 4

قال: و لقد تضيق الأوراق عن شرح ما كان عليه من الشّجاعة و المهابة و المكارم، و الأموال، و الخيل 5، و الدّهاء، و كثرة العساكر، و العدد، و العدد.
و قال الخطيب: و لكثرة عسكره، و ضيق بغداد عنه، بنى سامرّا، و انتقل بالعساكر إليها، و سمّيت العسكر.
و يقال: بلغ عدّة غلمانه الأتراك فقط، سبعة عشر ألفا.
و قيل: إنه كان عريّا من العلم، مع أنه رويت عنه كلمات تدلّ على فصاحة و معرفة.
قال أبو الفضل الرّياشىّ: كتب ملك الرّوم، لعنه اللّه، إلى المعتصم، يتهدّده، فأمر بجوابه، فلما قراء عليه الجواب لم يرضه، و قال للكاتب: اكتب: بسم اللّه الرّحمن الرّحيم، أمّا بعد، فقد قرأت/كتابك، و سمعت خطابك، و الجواب ما ترى، لا ما تسمع، و سيعلم الكافر لمن عقبى الدّار.

1) عمورية: بلد ببلاد الروم. مراصد الاطلاع 963.
2) ديوانه بشرح التبريزى 1/ 40 - 42.
3) السبعة الشهب: الطوالع التى أرفعها زحل، و أدناها القمر، و بعضها الشمس. شرح التبريزى. الموضع السابق.
4) النبع: شجر تتخذ منه القسى، و الغرب: شجر ينبت على الأنهار ليس له قوة. شرح التبريزى الموضع السابق.
5) فى طبقات الشافعية: «و الحيل».

الصفحة 303