كتاب الطبقات السنية في تراجم الحنفية - ت الحلو (اسم الجزء: 1)

305 الخدم: و اللّه إنه ليروم أن أكلّمه من أمس، فلم 1 أفعل. فقال الواثق فى ذلك:

يا ذا الذى بعذابى ظلّ مفتخرا
ما أنت إلاّ مليك جار إذ قدرا

لو لا الهوى لتجارينا على قدر
و إن أفق منه يوما ما فسوف ترى

و قد ظرف عبادة المخنّث، حيث دخل إليه، و قال: يا أمير المؤمنين، أعظم اللّه أجرك فى القرآن.
قال: ويلك، القرآن يموت!!
قال: يا أمير المؤمنين، كلّ مخلوق يموت، باللّه من يصلّى يا أمير المؤمنين بالنّاس التّراويح إذا مات القرآن؟.
فضحك الخليفة، و قال: قاتلك اللّه، أمسك.
قال الخطيب: و كان ابن أبى دواد قد استولى عليه، و حمله على تشديد المحنة.
قال ابن السّبكىّ: و كيف لا يشدّد المسكين فيها، و قد أقرّوا فى ذهنه أنّه حقّ يقرّبه إلى اللّه تعالى، حتى إنّه لمّا كان الفداء، فى سنة إحدى و ثلاثين و مائتين، و استفكّ الواثق من طاغية الرّوم أربعة آلاف و ستمائة، قال ابن أبى دواد، على ما حكى عنه و لكن لم يثبت عندنا: /من قال من الأسارى القرآن مخلوق خلّصوه و أعطوه دينارين، و من امتنع دعوه فى الأسر.
و هذه الحكاية إن صحّت عنه دلّت على جهل عظيم، و إفراط فى الكفر.
و هذا من الطّراز الأوّل، فإذا رأى الخليفة قاضيا يقول هذا الكلام، أليس يوقعه فى أشدّ ممّا وقع منه؟!. فنعوذ باللّه من علماء السّوء، و نسأله التوفيق و الإعانة. انتهى 2.
و لنرجع إلى أخبار أحمد: روى عن الحسن بن ثواب، قال: سألت أحمد بن حنبل عمّن يقول: القرآن مخلوق.

1) فى طبقات الشافعية: «فما».
2) أى كلام ابن السبكى.

الصفحة 305