كتاب الطبقات السنية في تراجم الحنفية - ت الحلو (اسم الجزء: 1)

311

اليوم حاجتنا إليك و إنّما
يدعى اللّبيب لساعة الأوصاب 1

قال أبو بكر ابن دريد 2: كان ابن أبى دواد مألفا 3 لأهل الأدب، من أىّ بلد كانوا، و كان قد ضمّ منهم جماعة يعولهم و يمونهم، فلما مات حضر ببابه جماعة منهم، و قالوا:
يدفن من كان على ساقة الكرم، و تاريخ الأدب، و لا نتكلّم، إن هذا وهن و تقصير.
فلما طلع سريره قام إليه ثلاثة منهم، فقال أحدهم:

اليوم مات نظام الملك و اللّسن
/و مات من كان يستعدى على الزّمن

و أظلمت سبل الآداب إذ حجبت
شمس المكارم فى غيم من الكفن

و تقدّم الثانى، فقال:

ترك المنابر و السّرير تواضعا
و له منابر لو يشا و سرير

و لغيره يجبى الخراج و إنما
يجبى إليه محامد و أجور

و تقدّم الثالث، فقال:

و ليس فتيق المسك ريح حنوطه
و لكنّه ذاك الثّناء المخلّف

و ليس صرير النّعش ما تسمعونه
و لكنه أصلاب قوم تقصّف

هذا، و قد أطلقنا عنان القلم فى ترجمة أحمد، و مع ذلك لو رمنا حصر محاسنه، و ما يؤثر عنه من مكارم الأخلاق، و من مساويها التى تعزى إليه فى أمر المحنة، لكلّ لسان القلم، و قصر باع الاطّلاع.
و فيما ذكرناه كفاية لمن أراد الوقوف على حاله، و ما كان عليه من الحسن و القبح.
تجاوز اللّه عنه، إنّه جواد كريم.
***

1) فى وفيات الأعيان، و الفهرست: «فاليوم. . لشدة الأوصاب»، و المثبت فى: الأصول، و تاريخ بغداد.
2) هذا أيضا فى: وفيات الأعيان 1/ 90، و تاريخ بغداد 4/ 150، 151.
3) فى وفيات الأعيان: «مؤالفا».

الصفحة 311